بعدما عرَّى وزير الميزانية، فوزي لقجع، على جزء من الاختلالات التي يعرفها سوق الأدوية بالمغرب، انتقدت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة هيمنة واقع “الاحتكار” الذي تعرفه صناعة الأدوية و”ضعف الشفافية” في مراقبة هذه الأسواق “التي تغرق في تجاوزات القوانين المنظمة لهذا القطاع”.
انتقادات الشبكة المغربية لما يعيشه قطاع الأدوية بالمغرب جاء بعد أيام قليلة على اعتراف الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، بارتفاع أسعار الأدوية في المغرب من 3 إلى 5 مرات أو أكثر مقارنة بعدد من دول، معتبرةً أن “الحكومة تقف عاجزة أمام لوبي شركات الأدوية الذي يحقق أرباحا خيالية على حساب صحة وحياة المرضى”.
واعتبرت الشبكة ذاتها، في تقرير حول ارتفاع أسعار الأدوية في المغرب، أن “قطاع صناعة الأدوية بالمغرب يضم اليوم 54 مختبر”، مسجلا أنه “تتحكم في سوق الأدوية المغربي 15 مختبر بنسبة 70 في المائة من حصص السوق، مع وجود احتكارات جد ممركزة واحتكارات ثنائية واحتكارات تحتل وضعية شبه هيمنة”.
وأضاف التقرير، الذي توصلت جريدة “مدار21” الالكترونية بنسخة منه، أن “سوق الأدوية بالمغرب ضعيف الشفافية”، منتقدةً “غياب سياسة عمومية حقيقية للدواء الجنيس وشبكة توزيع ملائمة، فمجال الأدوية في المغرب يعتبر عالما يسود فيه الاحتكار والريع والجشع وغياب الشفافية في مراقبة أرباح الشركات ومراقبة جودة المواد الأولية المستوردة التي تستخدم في صناعة الدواء الأصلي أو الجنيس ومراقبة علمية لجودة المنتوج الدوائي وللمستلزمات الطبية”.
وعلى مستوى تركيبة سوق الأدوية التي يستهلكها المرضى المغاربة، أوردت المعطيات ذاتها “انخفاض عدد الأدوية المنتجة محليا لفائدة الأدوية المستوردة في السنوات الأخيرة بسبب التعقيدات والمساطر الإدارية التي تتطلب 3 سنوات على الأقل بالنسبة للإنتاج المحلي مقابل تسهيل الإجراءات بالنسبة لاستيراد أدوية جاهزة التي تباع بأسعار باهظة”.
واعتبرت الشبكة ذاتها أن “ارتفاع أسعار الأدوية لا يثقل كاهل الأسر المغربية فحسب بل يهدد أيضا على المدى القريب والمتوسط توازن نظام التغطية الصحية ويهدد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالعجز المالي بعدما كانت السبب الرئيسي في عجز وتراجع احتياطات الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي”.
وأشارت الهيئة نفسها إلى أن هذه الإشكالات “يمكن أن تهدد المنظومة الصحية بأكملها إن لم يتدخل صناع القرار السياسي لوضع حد للاحتكار وفرض أسعار باهظة على المواطن المغربي والنفخ غير المشروع في حسابات الشركات المتعددة الجنسية”.
وبلغة الأرقام، سجل المصدر ذاته أن “الأدوية تشكل مكونا جوهريا من مكونات تكلفة النظام الصحي في المغرب، إذ مثلت سنتي 2022 و2023 حوالي 40 في المئة من تكلفة النظام الصحي المغربي بارتفاع مقارنة مع بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OCDE التي تبلغ فيها نسبة 18 في المئة فقط”.
وفي سردها سلبيات استمرار ارتفاع أسعار الأدوية بالمغرب، لفتت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة إلى أنها “من بين العوامل التي تؤدي إلى ارتفاع مساهمة الأسر المغربية وتحملها لما يقارب 56 في المئة من النفقات الإجمالية للصحة بصفة مباشرة ومن جيوبها رغم الاستفادة الجماعية من التغطية الصحية الشاملة والتأمين الصحي الإجباري”.
وواصلت أن “ميزانية الدولة تخصص 26 في المئة من هذه النفقات وتتحمل التعاضديات والتأمينات الخاصة بقية الأتعاب، خاصة أن تعويض مصاريف الأدوية تتم على أساس 70 في المائة من سعر الدواء الجنيس ويتحمل المنخرط نسبة هامة حينما يوصف له دواء أصيل”.
وإلى جانب ارتفاع أسعار الأدوية، استحضرت الشبكة نفسها “معاناة فئة واسعة من المرضى وأسرهم من فقدان أدوية في المستشفيات والسوق الوطنية بسبب سوء تدبير مخزون الأدوية من طرف الشركات المستوردة للأدوية التي لا تحترم القانون المتعلق بتدبير المخزون الأمني مما يؤدي إلى نفاذ مخزون بعض الأدوية الضرورية لضمان الأمن الدوائي”.
وسجل المصدر ذاته أن “سنة 2023 سجلت نقصا يقارب 400 دواء في الصيدليات، نصفها من إنتاج الشركات الاحتكارية”، مستدكةً أن “سنة 2024 لم تخرج عن القاعدة في فقدان عدد كبير من الأدوية كنقص مخزون أدوية امراض القلب والشرايين وامراض نفسية وامراض نادرة”.