بقلم: غابرييل روبن
تم توقيف الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر في 16 نوفمبر، لأسباب لا تزال غير معروفة.
العلاقات التاريخية والإنسانية التي تربط فرنسا بالجزائر غالباً ما تؤدي إلى التقليل من طبيعة النظام الديكتاتوري الذي يحكمها. توقيف الكاتب بوعلام صنصال هو تأكيد محزن على ذلك: الجزائر دولة تمر في مرحلة انحراف، حيث تعتمد على توجيه اللوم إلى الأجانب وإصدار العقوبات ضد المعارضين.
الجزائر: تاريخ غريب!
يكفي قراءة الصحافة الرسمية الجزائرية للتأكد من ذلك. في بيان نادر الحدة، يشبه نبرته ما يمكن أن نجده في أنظمة دكتاتورية مثل كوريا الشمالية، كتبت وكالة “برس سيرفيس” عن ردود الفعل الفرنسية على احتجاز الكاتب ذو الجنسية المزدوجة: “فرنسا تدافع عن منكر للحقائق، الذي يشكك في وجود واستقلال وتاريخ وسيادة وحدود الجزائر”.
وتتعلق هذه التصريحات بتصريحات أدلى بها بوعلام صنصال في مقابلة مع “فرونتيير”. حيث قال: “عندما استعمرت فرنسا الجزائر، كانت كل المنطقة الغربية من الجزائر جزءاً من المغرب: تلمسان، وهران وحتى حتى مسكارا. كانت هذه المنطقة جزءاً من المملكة”.
وهو تصريح صحيح تاريخياً لكنه يعتبر “منكراً” في الجزائر حيث يتم تزييف التاريخ واستخدامه لتوحيد الشعب.
تُظهر التوترات السياسية القائمة في النظام الذي أنشأه جبهة التحرير الوطني (FLN)، خاصة فيما يتعلق بفرنسا واليهود والمغرب. تحظى المملكة المجاورة بانتقاد مستمر في وسائل الإعلام الجزائرية.
من غير شك، أن تصريحات صنصال حول السيادة المغربية في منطقة الصحراء قد أغضبت السلطات العسكرية الجزائرية التي تدعم الانفصاليين في جبهة البوليساريو منذ سنوات طويلة.
إضافة إلى ذلك، فإن التحول الأخير في السياسة الفرنسية لصالح خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء قد ترك طعماً مرا في فم الجزائر. يُنظر إلى بوعلام صنصال كخائن، وهو أيضاً مناضل ضد الانحرافات الإسلامية التي شاهدها في بلده الأصلي، الجزائر، بعد الحرب الأهلية في التسعينيات وظهور الإرهابيين في جماعة “GIA”.
بوعلام صنصال الآن في وضع صعب للغاية. توقيفه السياسي قد يؤدي إلى محاكمته بتهم “التعرض للوحدة الوطنية والكرامة الترابية للبلاد” و”التحريض على تقسيم البلاد”. هذه التهم قد تؤدي إلى سجنه في الجزائر. وتعتبر هذه الأساليب مشابهة لتلك التي يتبعها الأنظمة الاستبدادية.
كما أن الجزائر، من خلال هذه الأفعال، تصبح دولة يجب أن تثير القلق لدى العديد من الضمائر الحرة في فرنسا. ورغم ذلك، من الصعب العثور على ردود فعل قوية من جزء كبير من اليسار الفرنسي الذي غالباً ما يكون متساهلاً تجاه الجزائر. كما تشرح الكاتبة فتيحة عجاج-بودجحتلات في لا ديبيش دو ميدي: “الربيع العربي لم يؤثر سوى على الجزائر بشكل خفيف، حيث استخدم النظام الجزائري القسوة والزبائنية باستخدام أموال النفط والغاز لإغراق شعبه في الخمول والاكتئاب”.
من خلال إظهار اهتمامها بالتحالف مع المغرب، كشفت فرنسا عن دوافع الجزائر. الجزائر تحت حكم تبون لا تسير في طريق التقدم. حان الوقت لتذكيرها بأن الحوار يجب أن يكون بناءً على التعاون وليس على الابتزاز.
*صحيفة CAUSEUR الفرنسية