دافع وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، اليوم الثلاثاء، بشدة عن مشروع “مدارس الريادة” باعتباره ركيزة أساسية لإصلاح التعليم في المغرب، في مواجهة التحديات الكبيرة التي تعاني منها المنظومة التربوية.
خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، كشف الوزير عن أرقام وإحصائيات صادمة تعكس حجم الأزمة، مشيراً إلى أن ثلثي التلاميذ يغادرون المستوى الابتدائي دون القدرة على الكتابة أو الحساب، فضلًا عن صعوبة متابعة دروس الرياضيات والفيزياء باللغة الفرنسية عند الانتقال إلى المستوى الإعدادي، مما يؤدي إلى انسحاب 160 ألف تلميذ سنويًا.
وأوضح الوزير أن “مدارس الريادة” التي انطلقت السنة الماضية بـ600 مؤسسة ابتدائية، تم توسيعها هذا العام لتشمل 2000 مؤسسة.
وأكد أن نتائج هذه التجربة بدأت تظهر، إذ أثبتت المقارنة بين المدارس التقليدية ونظيراتها الرائدة أن تلاميذ المدارس الرائدة أجابوا عن 60 سؤالاً من أصل 100، مقابل 40 سؤالًا فقط لتلاميذ المدارس التقليدية، مما يعكس تفوقًا واضحًا للنموذج الجديد.
وعلى صعيد التعليم الأولي، شدد الوزير على التزام الوزارة بالتحقيق في مزاعم الخروقات التي شابت تدبير هذا القطاع، لا سيما المتعلقة بأوضاع المربيات والمربين.
وكشف أن 10% فقط من المربيات يعملن تحت إشراف جمعيات المجتمع المدني، وأن الخروقات المحتملة لا تتجاوز 1% إلى 2%.
وأضاف أن أي جمعية تُثبت عدم التزامها بقوانين الشغل ستُحرم من الدعم المالي في الموسم الدراسي الموالي.
في المقابل، أثارت هذه المعطيات ردود فعل قوية داخل البرلمان.
ودعا المستشار البرلماني عن الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية، أبو بكر أعبيد، إلى التدخل العاجل للحد من الانتهاكات التي تُمارس بحق المربيات، مشيرًا إلى تأخر صرف الرواتب والتلاعب فيها، مما يشكل تهديدًا لنجاح هذا المشروع الوطني.
كما أكد على الحاجة إلى تكوين مستمر للمربيات والمربين، وتحسين جودة البنية التحتية والتجهيزات التربوية، لا سيما في المناطق القروية.
وفي السياق نفسه، طالب المستشار البرلماني خالد السطي، عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، بإدماج المربيات والمربين في الوظيفة العمومية لضمان استقرارهم المهني والاجتماعي.
وشدد على أهمية تحسين أجورهم، وتمكينهم من الاستفادة من بطاقة محمد السادس للأعمال الاجتماعية، بالإضافة إلى تحديد ساعات العمل والعطل بشكل واضح ومنصف.
ورغم الانتقادات، عبَّر وزير التربية الوطنية عن ثقته في قدرة مشروع مدارس الريادة على تحقيق التحول المنشود في المنظومة التعليمية بالمغرب.
وأكد أن الوزارة ملتزمة بمعالجة الاختلالات التي تعيق تحقيق أهدافها، مشيرًا إلى أن هذه الإصلاحات تشكل جزءًا من رؤية استراتيجية تستهدف الارتقاء بالتعليم وتحقيق التنمية المستدامة بحلول 2028.
وتظل الرهانات كبيرة، وتتطلب تنسيق الجهود بين مختلف الفاعلين في القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى تعبئة موارد مالية إضافية لضمان استدامة هذه المشاريع الإصلاحية.
ومع استمرار النقاش البرلماني والمجتمعي حول التعليم، يبقى الأمل معقودًا على أن تكون هذه المبادرات قادرة على تلبية طموحات الأجيال القادمة وبناء مستقبل تعليمي أفضل.