أعلنت إدارة الدفاع الوطني أنها وشركة “تاتا أدفانسد سيستمز لميتد (TASL)”، التابعة للمجموعة الدولية (Tata Group)، وقّعتا شراكة استراتيجية تهدف إلى الإنتاج المحلي للمركبة القتالية البرية (WhAP 8×8) بمصنع (تاتا أدفانسد سيستمز -المغرب) (TASM).
وحسب بلاغ لإدارة الدفاع الوطني فإن التوقيع على اتفاقية الاستثمار، الذي جرى بتعليمات ملكية، “يأتي للاستجابة للطلب المحلي وللتصدير نحو الأسواق الخارجية”، مبرزا أن هذه الخطوة تدل على “طموح المغرب وشركة (تاتا أدفانسد سيستمز لميتد) من أجل التطوير المشترك لروابط التعاون جنوب-جنوب، وإرساء قطب إقليمي لإنتاج معدات التنقل الدفاعية”.
عبد الرحمان مكاوي، الخبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية، قال إن الاتفاق جاء “في إطار تعزيز منظور ملكي لتقوية وتحديث القوات المسلحة الملكية المغربية وتنويع مصادر تسليحها، وفي سياق الدينامية لصناعة الدفاع التي دشنها جلالة الملك”.
وذكر مكاوي، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “استثمار مهم مغربي هندي لصناعة مركبات النقل العسكري (WhAP 8×8)يعني مركبات ضخمة ذات ثماني عجلات”، إذ من المرتقب أن ينجز المشروع في أجل أقصاه 36 شهرا، بمعدل إدماج محلي للتشغيل يبلغ 35 في المائة، ليصل عند استكماله إلى 50 في المائة؛ وهو ما سيتيح إحداث 90 منصب شغل مباشرا و250 منصب غير مباشر.
وأضاف الخبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية: “هذا الاستثمار الذي وقع مع مجموعة تاتا الهندية، وهي أكبر مجموعة للصناعات الدفاعية في الهند، يسعى المغرب من خلاله إلى فتح آفاق التعاون الدفاعي جنوب وجنوب”، مشيرا إلى أن “هذا الاستثمار الضخم، الذي لم يكشف عن مبلغه، سوف يفتح آفاق للموارد المغربية في الداخل وكذلك فرص الشغل لكثير من الشباب خاصة شباب الخدمة العسكرية؛ إضافة إلى هذا فإن الجانبين المغربي والهندي سوف يفتحان مجالا آخر، وهو لإعادة تصدير هذه المركبات العسكرية إلى الدول الخارجية”.
وأكد المتحدث ذاته أن “الأهداف هي تحديث وتقوية الجيش الملكي المغربي، وكذلك إبراز استقلاليته فيما يخص الدفاع، والدفع بدينامية التصنيع الدفاعي والحربي وإعادة تصدير هذه المركبات إلى دول أخرى”.
وتحدث مكاوي عن أن “شركة تاتا هي من كبريات الشركات الهندية في الصناعات الدفاعية، وخاصة الدبابات والمركبات والمدفعية ولها تخصصات كثيرة في الهند؛ مما يفتح أبوابا أخرى لاستثمارات جديدة لشركة تاتا في المملكة المغربية وتقوية وتعزيز الشراكة جنوب جنوب”.
وأبرز الخبير المغربي: “كل هذه النقط تبرز جليا من خلال هذه الشراكة جنوب جنوب بين الهند والمملكة المغربية؛ لأن جلالة الملك يحرص كثيرا على أن يتحول قطاع الصناعة الحربية والاستثمارات في هذا القطاع إلى مجال ريادي قيادي، يُحدث نقلة نوعية على مستوى تشغيل الشباب وكذلك والكفاءات، ويعزز الشراكات المختلفة بين المغرب والدول الصاعدة اقتصاديا كالهند والبرازيل والأرجنتين ودول أخرى”.
من جانبه، قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، إن “هذه الاتفاقية تندرج في إطار حرص القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية المغربية على التنزيل الدقيق للرؤية الإستراتيجية المتبصرة للقائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية جلالة الملك محمد السادس من أجل بناء منظومة تصنيع عسكرية مغربية تشكل قاعدة صلبة متطورة للصناعات الدفاعية والعسكرية، وتهيئة البنية الاستثمارية والتصنيعية”.
وأوضح الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، ضمن تصريح لهسبريس، أن الأمر يمهد “للانتقال إلى مرحلة أن تصبح المملكة مركزا إقليميا لهذه الصناعات المتطورة عن طريق تعزيز تنافسية صناعاتها الدفاعية، متسلحة بذلك بكوادرها وأطرها المؤهلة للانخراط الجدي في هذه الصناعات لما لها من انعكاسات إيجابية على الأمن القومي والاختيارات الاستراتيجية الكبرى للمملكة، حيث يُعتبر التصنيع العسكري إحدى أهم ركائز الأمن القومي من خلال تطوير قدرات الدفاع الوطني وتعزيز الاستقلالية في اتخاذ القرارات الاستراتيجية وحماية استقلالية القرار السيادي الوطني”.
واعتبر البراق شادي عبد السلام أن “هذه الاتفاقية تشكل منعطفا مهما لتحويل المغرب إلى قطب إقليمي ودولي في مجال تصنيع معدات التنقل الدفاعية من خلال الحرص على تنزيل الرؤية الملكية المتبصرة لتطوير التصنيع العسكري؛ من خلال تحديد أهداف واضحة تتعلق بزيادة القدرات الدفاعية، وتقييم الاحتياجات الحالية والمستقبلية للمملكة من خلال تطوير شراكات فاعلة مع شركات ودولية لتعزيز الابتكار”.
وأكد المتحدث عينه أن الأمر يأتي، “بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار، من أجل البحث والتطوير وتأهيل القوى العاملة من خلال برامج تدريبية متخصصة، وإنشاء بنية تحتية مناسبة تدعم التصنيع من خلال تفعيل سياسات تشجيعية للاستثمار أهمها تشريع قانون صناعة الأسلحة رقم 10.20 وإنشاء منطقتين للتسريع الصناعي للدفاع حيث يسعى المغرب إلى بناء قاعدة صناعية قوية تدعم الأمن القومي وتفتح آفاقا جديدة للتنمية الاقتصادية”.
أما من الناحية التقنية المركبة القتالية البرية (WhAP 8×8) ، قال الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر إنها “مركبة مدرعة متعددة المهام تنتمي إلى عائلة المركبات المدرعة الناقلة للأفراد، سيتم تطوير تصميمها لتلبية احتياجات القوات المسلحة الملكية في مجالات الاستطلاع، والنقل والدعم الناري حيث تم تصميم بدنها على شكل حرف V خصيصا لتفادي انفجارات العبوات الناسفة والألغام، مما يزيد من قدرة الطاقم على الصمود في الظروف القتالية الصعبة”.
وشرح البراق شادي عبد السلام قائلا: “بالإضافة إلى ذلك، تم تصميم WhAP 8×8 للعمليات البرمائية، وهي مجهزة بأجهزة تقنية متطورة؛ وهو ما يجعلها قادرة على عبور المياه الضحلة، حيث تتيح الأنظمة البصرية المتقدمة، بما في ذلك أحدث جيل من الكاميرات الحرارية، لمطلق النار والقائد الحصول على رؤية واضحة للعمليات، حتى في ظروف الرؤية المنخفضة”.
ومن ضمن مميزات المركبة القتالية أيضا كونها: “مجهزة بصواريخ موجهة مضادة للدبابات في وضع إطلاق النار السريع. لذا، فإن المركبة قادرة على مواجهة مشاة العدو والمركبات المدرعة الخفيفة وحتى الدبابات القتالية الرئيسية؛ وبالتالي اعتماد الجيش المغربي على هذه المركبة يشكل جزءا أساسيا من الجهود المبذولة لتعزيز القدرات الدفاعية والهجومية للقوات المسلحة الملكية”، أوضح عبد السلام.
وذكر الخبير المغربي “أن رغبة المملكة المغربية في بناء منظومة تصنيع عسكرية ودفاعية قوية يظل خيارا استراتيجيا سيمكن المملكة المغربية من مواجهة التحديات الجيوسياسية التي تهدد منطقة شمال وغرب إفريقيا وامتداداتها الجغرافية، حيث تشكل بمخاطرها على الأمن البشري أحد أكثر المناطق تهديدا للأمن العالمي”.
وأكد المتحدث عينه أن “المغرب أصبح نقطة تأثير استراتيجية في الأمن والاستقرار العالمي، حيث يسهم بشكل كبير في مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية والدولية”، ثم علق قائلا: “لذا، فتعزيز قدرات القوات المسلحة الملكية يعد أمرا أساسيا للحفاظ على سلامة الأمن القومي، إذ يتيح للمغرب المشاركة الفعالة في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات والجريمة العابرة للقارات والجماعات الانفصالية؛ بالإضافة إلى دوره الحيوي في تحقيق الاستقرار في منطقة شمال وغرب إفريقيا”، لافتا إلى أن “المدخل الأساسي لتحقيق هذه الأهداف هو تحديث وتطوير الترسانة العسكرية المغربية، بشكل تضمن من خلال القوات المسلحة الملكية جاهزية قدراتها التدميرية لمواجهة التحديات المستجدة؛ مما يعزز مكانة المغرب كشريك موثوق في الجهود الدولية لتحقيق السلام والأمن”.