دعا مهتمون بمجال السلامة الطرقية في المغرب إلى إعادة إحياء حملات تغريم المواطنين المخالفين لمقتضيات المرور من المكان المخصص للراجلين، حيث سجلوا وجود “عدم اكتراث بالضوابط القانونية التي سبق أن اعتمدها المغرب بخصوص تنظيم المرور على مستوى الشارع العمومي”.
وكشفت معطيات الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، التي توصلت بها هسبريس، في هذا الصدد أن 1007 من الراجلين لقوا مصرعهم خلال سنة 2023 في حوادث سير مرتبطة بالسير والجولان، بما يمثل حوالي 26,4 في المائة من إجمالي وفيات الطرق بالمملكة.
المعطيات ذاتها أشارت إلى أن “عدد الراجلين الذين قضوا في حوادث السير عرف السنة الماضية ارتفاعا عن سنة 2022 بما يصل إلى 13,4 في المائة، فتهُّورُ الراجلين هنا تسبب في 418 حادثة مميتة، بما يعني 12,2 في المائة من إجمالي الحوادث المميتة”.
وكان المغرب قد شرع في نهاية سنة 2017، بعد تعديلات جديدة صادق عليها البرلمان، في تطبيق النصوص القانونية التي تهم الموضوع، خصوصا المادتين 94 و187 من مدونة السير على الطرق. وتشير المادة الأولى إلى ضرورة اتخاذ احتياطات على مستوى الطريق العمومية والتقيد بقواعد السير، في حين تنص الثانية على أنه “يعاقب بغرامة من عشرين إلى خمسين درهما عن كل مخالفة لقواعد السير المقررة تطبيقا للمادة 94”.
الزجر يفرض الاحترام
وأكد إلياس سليب، رئيس المرصد الوطني للسلامة الطرقية، أن “إشكالية مرور الراجلين على مستوى الشارع من غير المخصص لهم من الأماكن هو بالفعل إشكال جد مطروح، على اعتبار أن هذه الفئة لا تتوفر أساسا على أي نوع من الحماية وعادة ما تكون معرضة للحوادث بنسبة كبيرة مقارنة بالفئات الأخرى، وتكون حوادثها مميتة أو خطيرة”.
وأضاف سليب، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “الحل الزجري يظهر أنه الأكثر فعالية في هذا الصدد، وهو ما يجب أن تشتغل عليه بقوة شرطة السير والجولان عبر إعمال روح القانون في وجه كل راجلٍ لا يحترم المقتضيات القانونية المعمول بها في هذا الصدد، بما فيها أداء 25 درهما، في حال المرور بشكل عشوائي من الشارع”.
وسجل في سياق متصل أن “هذا الملف جد معقد، حيث يمكن لشرطي المرور، مثلا، تحرير الآلاف من المخالفات في اليوم الواحد، لكن يجب أن نعود إلى الأسباب، حيث يجب أن ندرك أن المقاهي تحتل الأرصفة وتلتهم كل ما يوجد أمامها من ملكٍ عمومي، في الوقت الذي لا توجد ممرات للراجلين في عدد من الشوارع؛ فالاشتغالُ في هذا الإطار يجب أن يكون بتنسيق مع عدد من الفاعلين، على رأسهم الجماعات المحلية”.
وتابع قائلا: “تغريم المواطن يجعله مسؤولا ويدفعه إلى بذل قصارى جهده من أجل عدم التورط في ارتكاب ما يخالف القانون. هناك بطبيعة الحال عدم مبالاة من قبل المواطنين بما تم إقراراهُ بهذا الخصوص من نصوص تنظم المرور على مستوى الشارع وتحصره في ممر الراجلين”، قبل أن يختم بالتشديد على “أولوية إحياء غرامة 25 درهما”.
ملف معقّد
أما محمد حيمي، الباحث في شؤون السلامة الطرقية، فأوضح أن “موضوع عشوائية المرور على مستوى الشوارع يظهر جليا في عدد من المدن الكبرى كالدار البيضاء وسلا والرباط ومراكش، مع نسبة أقل في مدن الشمال، والاهتمام بتطبيق القانون في هذا الجانب لم يعد بالزخم نفسه كما كان سابقا عندما تم إقرار تغريم المخالفين من المواطنين”.
وقال حيمي، في تصريح لهسبريس، إن “عددا من الراجلين يفقدون حياتهم سنويا على مستوى الطرقات، وآخرون يتعرضون لحوادث خطيرة، مما يُحلينا مباشرة على عدم وجود ثقافة لدى المغاربة بضرورة احترام خصوصية الشارع، حيث إن القوانين يجب أن تضبط تنقلاتهم وتحركاتهم، وإن لم يتم تفعيلها فما الفائدة منها؟”.
وذكر المتحدث ذاته أن “التغريم مهم جدا في هذا الصدد، حيث إن الصرامة هي التي عادة ما تفيد في مثل هذه القضايا والمشاكل، فالمواطنون عليهم أن يلتزموا بفحوى القوانين التي يتم إقرارها. شرطة السير والجولان يمكنها على هذا النحو أن تبذل مجهودات مهمة، بشراكة مع مختلف الفعاليات الأخرى طبعا، عبر مواجهة المخالفين بما يقوله القانون في هذا الصدد”.