طالعت تدوينة للقيادي في حزب العدالة والتنمية الإسلامي، سعد الدين العثماني، قام خلالها بتمجيد العمليات التي تقوم بها وتُنسقها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) في شمال سوريا، واعتبرها معركة من أجل الحرية ولبناء مَشرق جديد.
أجد أن هذا الموقف الذي عبر عنه العثماني، و هو كان وزيراً سابقاً للخارجية المغربيّة، قد بُني ربما على معلومات غير دقيقة.
العمليات العسكرية التي تقوم بها هيئة تحرير الشام تطرح تقديرات متباينة جدّا.
فجبهة النصرة هي فرع سوري مُلطّف لتنظيم القاعدة و زعيمها ابو محمد الجولاني كان قد أرسله أبو بكر البغدادي من العراق و ذلك للركوب على إنتفاضة الشعب السوري، التي اندلعت في سياق ما سُمي بالربيع العربي.
وهيئة تحرير الشام ليست جزءاً من حكومة المعارضة السورية التي يتعامل معها المجتمع الدولي، بل أنشأت جهازها الحكومي الخاص لإدارة مناطقها تحت إسم حكومة الإنقاذ السورية، منذ سنة 2017 (انظر رايتها رفقته، و هي مختلفة تماماً عن علم المعارضة السورية).
في نظري، ما تقوم به هيئة تحرير الشام ليس له أفق إستراتيجي بسبب افتقاده إلى المُباركة الدولية (ربما بإستثناء تركيا) وبفعل عدم تناسبه مع الواقع الثقافي والاجتماعي السوري.
لكن بالمقابل لديه أهمية تكتيكية مزدوجة لو استمر بالزخم الحالي، فهو يقضي على النفوذ الإيراني في سوريا ويقطع الترابط الجُغرافي البري للبنان بالقواعد الخلفية الفارسية في العراق و ايران، من جهة، و من جهة اخرى، يساهم في خلق واقع جديد في سوريا يسمح للمعارضة المعترف بها دوليا بإستعادة وزنها و راهنيتها، بما يسمح بتطبيق قرار مجلس الامن 2254 (دجنبر 2015) للتصويت على دستور جديد و نقل السّلطة تحت إشراف دولي.
إذا استمر الوضع على هذا الحال، أتوقع تدخّل فرقاء من المجتمع الدولي معنيين بالشأن السوري لتنفيذ القرار 2254، وحينئذ قد تظهر جبهة النصرة كأرنب سِباق فقط لأن العالم لا يوجد في حالة فوضى، هُناك حد ادنى من الحرص على الأمن الإقليمي.
*محمد سيعلي-إعلامي