وأخيرا تم الإعلان الرسمي عن احتضان المغرب، بشراكة مع إسبانيا والبرتغال، لنهائيات كأس العالم 2030، وذلك بعد أن تمكن المغرب من الترافع الإيجابي عن ملفه، الذي قاد رابته الأولى حتى التتتويج بهذا الاحتضان جلالة الملك محمد السادس، الذي حرص كل الحرص أن يعطي لبلدنا المكانة التي يستحقها بين الأمم، وقد كافح المغرب كثيرا من أجل منذ زمن بعيد، لكن بالصبر والصمود الذي تعلمناه من جلالته استطاع المغرب في النهاية نيل هذه الحظة التي ليست بالسهلة، والتي أزعجت كثيرا من الخصوم وحتى غير الخصوم الذين اشرأبت أعناقهم لهذا التتويج.
البحث عن احتضان نهائيات كأس العالم ليس ترفا وشغفا باللعبة، التي لها مئات الملايين من الجمهور، ولكن هو استثمار فيما يسمى بالقوة الناعمة، التي لا يفهمها كثيرون أو يتم توظيف آليات غير دقيقة في الحصول على النتائج، التي لا يمكن تحقيقها إلا بصدق النوايا، وبالوطنية بما هي حب للبلاد وليست عملا مرتبطا بالوجود في المنصب.
الوطنية نتعلمها من جلالة الملك، الذي ما إن يكن المغرب في الحاجة إلى أبنائه في أية ملمة حتى تجده هو الأول واقفا، والذي علمنا أن الوطنية تضحية وليست منصبا تتقاضى عنه أجرا، والوطنية موروث لا يمكن اكتسابه ولكنه في جينات هذا البلد تجسد في تضحية المغفور له محمد الخامس بالعرش، لأن الوطن هو الأول.
وهكذا انصبت جهود جلالة الملك على تحقيق النهضة الوطنية في كل شيء وفي كل المجالات، الديبلوماسية والأمنية والصناعية، لكن كان لابد من العمل على الصورة، صورة المغرب، التي لا يعرفها الكثير أو الصورة التي رسمها خصومنا وصرفوا عليها الملايير، لكن المغرب بفضل حكمة جلالة الملك وقدسية قضاياه وكثير من أبنائه الذين يضحون بالغالي النفيس استطاع تسويق صورة متميزة وحقيقية عن المغرب، والتي بفضلها نحظى اليوم بهذا التتويج.
وليس عبثا أن يتم قبول ملف المغرب، فقبل الشروط التي وضعها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) هناك الصورة الأخرى للمغرب، والتي لا تنكشف لمن يراها يوميا، ولكن الآخرون يكتشفونها، وهي صورة المغرب الآمن والمستقر، وهذا ليس معطى طبيعي ولكنه ثمرة جهد كبير تقوم به الأجهزة الأمنية، التي استثمرت في الاستراتيجية الأمنية، التي خلقت جوا مفعما بالإيمان بسلامة الوطن، وجعلت المواطن يشعر بالاستقرار، وجعلت الآخر ينظر إلى هذه النتائج ويقدرها.
غير أه ينبغي أن نشدد على موضوع غاية في الأهمية في هذا السياق، ألا وهو وإن كانت كرة القدم تحقق مستوى من مستويات القوة الناعمة، وتجسد هذا في مشاركة المغرب المشرفة في كأس العالم، وفي احتضان نهائيات كأس إفريقيا للأمم سنة 2025 واحتضان نهائيات كأس العالم 2030، فإن كرة القدم تبقى في النهاية لعبة مسلية وأداة للفرجة، لا ينبغي أن تنسينا أننا ينبغي أن نهيء الأرضية الاجتماعية ونخلق البيئة التي تحضتن هذه الفعاليات.
من الطبيعي أن هذا الاحتضان سيكون مرفوقا ببناء ملاعب كبرى وبنيات تحتية سيستفيد منها المغرب لما بعد بعد المونديال وقطار سريع وبينات سياحية وفندقية ومطاعم وغيرها، مما سيكون عاملا لتحقيق نمو سريع المغرب في حاجة إليه، لكن شريطة صدق النوايا من بعض المسؤولين الذين همهم خدمة المصلحة الصغيرة.
ينبغي أن نصون هذا التشريف الذي قدمه لنا جلالة الملك محمد السادس بمجهوداته الجبارة على امتداد ربع قرن.