سجل تقرير صدرا مؤخرا، ارتفاعا كبيرا في حالات إفلاس المقاولات بالمغرب، خلال الفترة ما بعد جائحة كوفيد-19، حيث ارتفع عدد المقاولات المتوسطة التي أغلقت أبوابها من 7400 حالة قبل الجائحة إلى أن بلغت ذروتها بـ 10,905 حالات في عام 2023، مع زيادة بنسبة 32% بين 2021 و2023 مقارنة بالسنوات السابقة.
ووفق التقرير السنوي لمرصد المقاولات الصغرى والمتوسطة، فإن هذا التزايد يعكس تأثيرات اقتصادية عميقة تسببت في إضعاف النسيج المقاولاتي الوطني، خاصة بالنسبة للمقاولات الصغيرة جدًا والمقاولات الصغيرة (Micro et TPE) التي تشكل جزءًا كبيرًا من النسيج الاقتصادي.
وحول أسباب هذا الارتفاع في عدد المقاولات التي أفلست، فقد أوضح التقرير أن هناك أسباب اقتصادية مرتبطة بالجائحة، حيث أدت التدابير الاحترازية التي رافقتها إلى تعطيل الأنشطة الاقتصادية وتراجع الطلب على العديد من السلع والخدمات.
كما استمر تأثير هذه التداعيات في السنوات التي تلت الجائحة، مما أثر على مرونة الشركات وقدرتها على الاستمرار.
وأشار التقرير إلى ارتفاع تكاليف التشغيل، حيث شهدت أسعار الطاقة والمواد الخام ارتفاعًا غير مسبوق، مما زاد من الضغوط على هوامش الربح، كما ارتفعت تكاليف التشغيل، بما في ذلك أجور العمال، نتيجة التضخم المتسارع.
وقد عانت المقاولات المتوسطة والصغرى من صعوبات مالية، تمثلت في نقص السيولة الذي أدى إلى تفاقم مشكلات تدفق الأموال، وصعوبة الوصول إلى التمويل البنكي، لا سيما للمقاولات الصغيرة والمتوسطة.
وإلى جانب حالات الإفلاس، تشير البيانات إلى نسبة كبيرة من المقاولات التي دخلت حالة عدم نشاط مؤقت. هذه الشركات، رغم أنها لم تعلن إفلاسها رسميًا، فإن عدم نشاطها يشير إلى صعوبات كبيرة في التكيف مع المتغيرات الاقتصادية. هذا الوضع يعكس تأثيرًا غير مباشر للأزمات الاقتصادية على قدرة الشركات على الحفاظ على استمرارية نشاطها.
كما أظهر التقرير أن حالات الإفلاس تتركز في المناطق الاقتصادية الكبرى مثل الدار البيضاء-سطات التي تستحوذ على نسبة كبيرة من النشاط الاقتصادي، ومناطق أخرى مثل فاس-مكناس، وسوس-ماسة التي شهدت أيضًا زيادات ملموسة في عدد الشركات المفلسة.
وفيما يخص التوزيع القطاعي، فقد سجل التقرير أن قطاع التجارة عرف النسبة الأكبر من حالات الإفلاس، حيث يمثل حوالي 32.4% من الإجمالي، يليه قطاع البناء بنسبة 18.4%، وتُعد هذه القطاعات الأكثر تأثرًا بتغيرات السوق الداخلية والخارجية، نتيجة لارتباطها الوثيق بالطلب المحلي والتغيرات في أسعار المواد الأساسية.
وأكد التقرير على الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات هيكلية للتخفيف من حدة إفلاس المقاولات، كما شدد على ضرورة تسهيل وصول المقاولات الصغيرة والمتوسطة إلى التمويل البنكي بشروط ملائمة، وتوفير آليات تمويلية موجهة للشركات الأكثر تأثرًا.
ودعا التقرير إلى تعزيز المرونة الاقتصادية، والاستثمار في تحسين كفاءة الإنتاجية لتقليل تكاليف التشغيل، وتحفيز الابتكار والتنوع الاقتصادي لتقليل الاعتماد على القطاعات المتأثرة بتغيرات السوق.
كما شدد على أهمية توفير دعم مخصص للقطاعات المتضررة، ودعم قطاعي التجارة والبناء عبر برامج تحفيزية موجهة، وتقديم حوافز ضريبية وإعفاءات لتخفيف الأعباء المالية.