سمير الحيفوفي
بيننا متلونون كثر، يمتلكون قدرات خارقة في التحول من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال، وبسرعة يتحولون ويعلنون أنفسهم حملانا وديعة، والكل يعرف إنما هم ذئاب لاهثة جرت وراء الأجساد الغضة ونهشتها بلا رحمة ولا رأفة، حينما كان ضحاياهم تحت سيطرتهم وسطوتهم.
بيننا جناة، سيقوا إلى السجن، واقتيدوا إليه مدموغين بأدلة ثابتة وفيديوهات توثق لأفاعيلهم التي يندى لها الجبين، في حق نسوة منهن من قضت نحبها ومنهن من ينتظرن إنصافهن، لكن هؤلاء وبعدما أفرج عنهم بعفو ملكي، انزاحوا عن حقائق الأمور وراحوا يسوقون لأنفسهم بغير ما وُصِموا به.
بيننا جبناء لا يلوون على شيء غير التنصل مما اقترفوه وما أثخنوا به ضحاياهم من جراح، بعدما استثيروا جنسيا ولهوا بأجساد كبلتها قيود العلاقة التي ظنوها مهنية فعاشوها وأحسوها مُهينة، وقد شربوا كأس الذل والهوان حتى الثمالة في حضرة “صحفي” قبل الـ”بوكلاج”، سرعان ما يتحول إلى شبقي جنساني بعد إرسال الصحيفة إلى المطبعة.
بيننا من لا يخجل البتة، من الأنين والتأوه الذي تسبب فيه، لمغلوبات على أمورهن، وجدن أنفسهن مقيدات مكبلات تحت نرجسية مريض، كان يستفرد بهن ويسومهن سوء العذاب ليقضي وطره منهن، ويضغط على بعضهن لاستدراج ضحايا أخريات ليفرغ أمراضه عليهن ومخبوءاته فيهن.
بيننا، متجاسرون، يلبسون الأقنعة حسب الأهواء، والسياقات، وبعد سبع سنين سجنا من مجموع 15 كاملة نجا منها، يريد أن يقنعنا بأنه نفض عنه ماضيه وتحلل من أمراضه، ويتحفنا بكلام عن السياسة، ونسي أن يؤدي ما بذمته للثكالى اللائي عانين كثيرا، مما أخضعهن إليه قسرا وقهرا.
بيننا، من يحكي عن سجن “العرجات تو”، وينسى أن في الخارج ترك ضحايا، سجينات في العالم بما رحب واتسع، يعشن في الخفاء ويتدثرن بعيدا عن المتلصصين، ويحاولن لملمة جراحهن التي نكأها بمحاولته الظهور بطهرانية مفرطة في الزيف والادعاء.
بيننا من خرج متعالما، يستقي من الاقتباسات، بين “إرنست همنغواي” و”ونستون تشرتشل” والشاعر الأرجنيتيني “خورخي لويس بورخيس”، ولربما يدري جيدا أن الأحق بالاقتباس من أقواله في حالته هو “سيجموند فرويد”، الذي شرَّح وفصَّل في مصاب أمثاله، الموشومين بالكبت والرغبة في التنفيس عن اضطراباتهم الجنسية على ما دونهم.
بيننا من هو غارق في الرذيلة حتى الأذنين، لكنه يرى نفسه فريد زمانه، الذي له أن يجتث الأدران وينقي دنيانا من الشوائب، والحال أنه وبدل اللهفة لإخراج الـ”بودكاست”، أن يطلب العفو من ضحاياه وقبل ذلك يمكنهن منه ليستخلصن منه ما هو لهن عنده.