لا تزال قضية تعويض ضحايا حوادث السير في المغرب تثير جدلاً واسعاً داخل قبة البرلمان، حيث باتت الأصوات المطالبة بمراجعة القانون المتعلق بتعويض هؤلاء الضحايا أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
وبحسب المعارضة البرلمانية، فإن “هزالة” التعويضات وتأخر شركات التأمين في تنفيذ الأحكام الصادرة يزيدان من معاناة المتضررين، ما يضع علامات استفهام كبرى حول ضرورة تحديث المنظومة القانونية المتعلقة بحوادث السير.
وخلال جلسة عمومية بمجلس النواب، أثارت النائبة البرلمانية هند الرطل البناني عن حزب العدالة والتنمية موضوع “صعوبة حصول ضحايا حوادث السير على مستحقاتهم من صندوق ضمان حوادث السير في آجال معقولة”.
واستعرضت البناني في مداخلتها العراقيل التي تواجه الضحايا، بدءاً من التعقيدات الإدارية وصولاً إلى التأخيرات المتكررة في تنفيذ الأحكام، مما يجعل المنظومة الحالية عاجزة عن توفير الحماية الكافية لهؤلاء المتضررين.
وفي معرض رده، أشار مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، إلى الإطار القانوني المنظم لصندوق ضمان حوادث السير.
وأوضح أن الصندوق يتحمل التعويض الكلي أو الجزئي عن الأضرار البدنية الناجمة عن حوادث السير، في الحالات التي يكون فيها المسؤول عن الحادثة مجهولاً، غير مؤمَّن، أو غير قادر على تعويض الضحايا بسبب إعساره.
واستعرض بايتاس جملة من الضمانات التي يتيحها القانون الحالي، مثل حق الصندوق في طلب حجز تحفظي على العربات المتسببة في الحادثة أو على الممتلكات المنقولة والعقارية للمتسببين في الحادثة.
ومع ذلك، أكد الوزير أن الجهود المبذولة لتسهيل حصول الضحايا على حقوقهم تشمل أيضاً إحداث خدمة إلكترونية مجانية من قبل وزارة العدل، تتيح للمواطنين تتبع مآل تنفيذ الأحكام القضائية.
ورغم هذه التسهيلات، فإن النائبة هند البناني شددت على أن المشاكل القائمة تتطلب حلولاً أكثر شمولية، ودعت إلى مراجعة الظهير المتعلق بتعويض ضحايا السير الصادر سنة 1984.
وتساءلت البناني عن مدى توافق القانون الحالي مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة، مؤكدة أن تحديث هذا القانون سيمثل خطوة حقيقية نحو تحقيق مفهوم الدولة الاجتماعية.
كما أشارت إلى أن تعديل المنظومة القانونية سيعالج الهفوات التي يعاني منها الضحايا، خصوصاً ما يتعلق بهزالة التعويضات وصعوبة الإجراءات الإدارية، مما سيمكن من ضمان حقوقهم بشكل أسرع وأكثر إنصافاً.
ويكشف النقاش حول تعويض ضحايا حوادث السير حجم التحديات التي تواجه المنظومة القانونية الحالية، ويطرح تساؤلات حول دور شركات التأمين وصندوق ضمان حوادث السير في توفير العدالة.
ومع استمرار معاناة الضحايا، يبدو أن الحاجة أصبحت ملحة لإجراء إصلاحات شاملة تضع حداً لهذه الإشكاليات، وتضمن تعويضات عادلة وسريعة، بما يواكب تطلعات المغاربة لدولة اجتماعية حقيقية.