استغربت فعاليات أمازيغية من اقتصار وزارة النقل واللوجستيك على إدراج اللغة الأمازيغية في اللوحات المثبتة على واجهة مقر الإدارات التابعة لوزارة النقل واللوجيستيك وموقعها الرسمي وتأخر ترجمة التسميات والوثائق الإدارية من اللغة العربية إلى اللغة الأمازيغية.
وأثارت الإجراءات التي كشف عنها وزير النقل واللوجستيك، عبد الصمد قيوح، في جواب كتابي عن سؤال النائب عن فريق الاتحاد الاشتراكي حول تحركات الوزارة في مضامين القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية جدلا كبيرا في أوساط المهتمين بقضايا اللغة والثقافة الأمازيغية.
وأشارت الوثيقة، التي اطلعت عليها جريدة “مدار21” الالكترونية، إلى أن الوزارة عملت على إضافة اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية في اللوحات المثبتة على واجهة مقر الإدارات التابعة الوزارة النقل واللوجيستيك بالإضافة إلى إدراج اسم الوزارة باللغة الأمازيغية في الموقع الإلكتروني الرسمي للوزارة.
وسجل قيوح أنه يتم التنسيق بين وزارة النقل واللوجيستيك والوزارة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة لإعداد ترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الأمازيغية لمختلف التسميات والوثائق الإدارية وأسماء الموظفين وصفاتهم.
وموازاة مع ذلك، أورد المتحدث ذاته أن الوزارة تعمل حاليا بتنسيق مع المؤسسات العمومية تحت الوصاية على بلورة مخطط عمل خاصة في قطاع الموارد البشرية التي تتكلم اللغة الأمازيغية، إلى جانب الجهود التي تقوم بها الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية والمرتبطة بإعداد حملات تحسيسية في مجال السلامة الطرقية باللغة الأمازيغية.
“إجراءات شكلية”
عبد الله بادو، فاعل أمازيغي ورئيس سابق للشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، قال إن “القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية يتضمن عددا من الالتزامات في علاقة القطاعات الحكومية باللغة الأمازيغية”، مبرزا أن “التفعيل لا يمكن أن ينحصر في واجهة البنايات واليافطات وجميع الإجراءات الشكلية”.
واعتبر بادو، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن “كل الوزارات، وبدون استثناء، لا تتوفر على مخططات لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية على مستوى الإرشادات أو استعمالها إلى جانب اللغة العربية”.
وفي هذا الصدد، تساءل الفاعل الأمازيغي “هل تتملك الحكومة فعلا مضامين هذا القانون التنظيمي في ظل مثل هذه الأجوبة المسيئة للثقافة واللغة الأمازيغية؟”، مبرزا أن “مثل هذه الإخفاقات في إنصاف الأمازيغية تؤكد بالملموس أن الحكومة لا تهتم بهذا الورش المهم”.
وأضاف المتحدث ذاته “أننا اليوم نطالب بتفعيل مضامين القانون التنظيمي رغم أنه لا يوفر الحد الأدنى للرفع من حيوية استعمال اللغة الأمازيغية في الإدارات العمومية وفي جميع المجالات التي ذكرها القانون”.
وعلاقة بنتائج الإحصاء حول تراجع نسب استعمال اللغة الأمازيغية بـ10 في المئة خلال قرابة 20 سنة، اعتبر أن “هذا التعامل الحكومي غير المقبول مع اللغة الأمازيغية هو الذي يفسر هذا التراجع رغم الدينامية التي عرفها هذا الورش منذ خطاب أجدير 2001”.
ولم يتوان المتحدث ذاته في “قراءة هذا التماطل الحكومي في ورش تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية على أنه يخفي سياسة غير معلنة لا تظهر إلا نتائجها”، مسجلا أنه “آن الأوان لكي تتعامل الدولة بجدية أكبر مع هذا الملف وتسريع وتيرة تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغة”.
“التزامات لم تنفد”
من جهته، سجل سعيد الفرواح، فاعل أمازيغي، أن “مسلسل إنصاف الأمازيغية بدأ منذ سنة 2001 إلى حدود اليوم وسيظل مستمرا في المستقبل”، مؤكدا أن “جميع الالتزامات المعلنة في هذا الباب والتي سطرت خلال هذه المدة كاملة لم تنفذ بالشكل المطلوب”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن “التفسير الوحيد لمثل هذه السلوكات هو طبيعة عقليات المسؤولين السياسيين القائمين على شؤون الوزارات والتي في الغالب تكون متشبعة بمنطلقات إيديولوجية حزبية أو قومية قد تكون معادية للأمازيغية”.
واعتبر الناشط الأمازيغي العناصر التي وردت في جواب وزير النقل واللوجيستيك “احتقارا للغة والثقافة الأمازيغية”، مشيرا إلى أن “المواطن المستعمل للغة الأمازيغية لا ينتظر إسكاته بحروف تيفيناغ معلقة على الجدران بقدر ما ينشد الإنصاف الحقيقي داخل الإدارة”.
واستدرك المتحدث ذاته “أننا لا نحاكم نوايا أي حزب سياسي أو مسؤول حكومي بقدر ما ننطلق من الواقع وفق طبيعة التعاطي مع الملف الذي يحيل على خلاصة واحدة وهي توظيف قضايا الأمازيغية من أجل الأغراض الانتخابية فقط”.