في إطار جهودها المتواصلة لمكافحة الجرائم الإلكترونية، تكثف السلطات الأمنية في المغرب عملياتها لاستهداف شبكات قرصنة المكالمات الدولية، والتي تلحق أضرارًا جسيمة بشركات الاتصالات وتؤثر على الاقتصاد الوطني.
وتتمثل هذه الأنشطة غير القانونية في تحويل المكالمات الدولية إلى مكالمات محلية بطريقة احتيالية، ما يحقق للمتورطين أرباحًا غير مشروعة.
يعتمد المتورطون في هذه الجرائم على تقنيات إلكترونية متطورة لاختراق أنظمة الاتصالات المحلية.
ومن خلال هذه الوسائل، يتم تحويل المكالمات الواردة من خارج المغرب إلى مكالمات داخلية، مستغلين فرق التسعيرة بين الاتصال الدولي والمحلي لتحقيق أرباح مالية ضخمة دون علم الشركات المزودة للخدمة.
وفي هذا الصدد، أشار الطيب الهزاز، الخبير في الأمن السيبراني، إلى أن هذه الظاهرة آخذة في التوسع، إذ سجلت المصالح الأمنية خلال السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في عدد القضايا المرتبطة بهذه الأنشطة، ما دفعها إلى تعزيز قدراتها التقنية وتكثيف التحقيقات لضبط المتورطين.
تُعد أجهزة “سيم بوكس” (SIM Box) المحرك الرئيسي لهذه العمليات، حيث تتيح تمرير المكالمات الدولية على أنها محلية.
ويعمل الجهاز، الذي يمكن تزويده بمئات من بطاقات SIM، كوسيط لتحويل الإشارات الصوتية إلى إشارات رقمية باستخدام تقنية VoIP، ما يسمح بتمرير عدد كبير من المكالمات دون الكشف الفوري عن هوية المتورطين.
ورغم حظر هذا الجهاز في المغرب، إلا أنه يُباع عبر الإنترنت بأسعار تبدأ من 2000 درهم، ما يجعل الحصول عليه أمرًا ميسورًا للمحتالين.
وأوضح الهزاز أن انتشار هذا الجهاز أدى إلى تفاقم المشكلة، حيث أصبح المتورطون قادرين على تنفيذ عملياتهم بسرية تامة مع صعوبة تعقبهم في بعض الحالات.
لم تقتصر أنشطة هذه الشبكات على تمرير المكالمات فقط، بل امتدت إلى استخدام أساليب أكثر تطورًا مثل تزوير أرقام الهواتف وإرسال رسائل نصية احتيالية.
وتهدف هذه الرسائل إلى انتحال صفة مؤسسات رسمية، مثل البنوك والإدارات الحكومية، لخداع المواطنين وسرقة بياناتهم الشخصية والمصرفية.
وتشير التقارير إلى أن هذه الأنشطة الاحتيالية لا تؤثر فقط على العائدات المالية لشركات الاتصالات، بل تخلق أيضًا مخاطر أمنية واجتماعية تتطلب تدخلاً حاسمًا من الجهات المعنية.
في مواجهة هذه التحديات، طورت الأجهزة الأمنية في المغرب أساليب متقدمة لتعقب الجناة وتحديد مواقع الأجهزة المستخدمة.
وقد مكنت هذه التقنيات الحديثة السلطات من تفكيك عدة شبكات متورطة في هذه الجرائم، مما يعكس التزام المغرب بحماية الأمن السيبراني وضمان استقرار قطاع الاتصالات.
وتواصل الجهات الأمنية تنفيذ حملات ميدانية وعمليات تحقيق دقيقة لاستباق أنشطة هذه العصابات، مع التنسيق المستمر مع الشركات المزودة لخدمات الاتصالات لتعزيز قدراتها على اكتشاف التلاعبات وإيقافها.
وفي ظل هذا التصعيد الأمني، يُنتظر أن تتواصل الإجراءات القانونية ضد المتورطين في هذه العمليات، مع فرض عقوبات صارمة للحد من انتشار هذه الجرائم وحماية مصالح الشركات والمواطنين على حد سواء.