نبهت رئاسة النيابة العامة إلى الفراغ التشريعي الذي يعرفه سوق العملات المشفرة، معتبرةً أن تأخر قانون منظم لهذه العملات يطرح على محاكم المملكة إشكالات قانونية عند بثها في القضايا المتعلقة بالتداول الرقمي لهذه العملات، خاصة النصب.
وأورد التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة لسنة 2023 أن هذه الأشكاليات القانونية تطرح أساساً حينما يتعلق الأمر بالاتجار غير المشروع فيها أو استعمالها كوسيلة من أجل الحصول على منافع مالية متحصلة من ارتكاب جرائم تقليدية كالنصب والابتزاز الجنسي أو الجرائم المرتبطة بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات.
وفي هذا الإطار، أشار التقرير إلى أن بعض محاكم المملكة قضت بإدانة مجموعة من المتهمين من أجل ارتكابهم جنح بيع وشراء عملات أجنبية بدون إذن مكتب الصرف طبقا للفصول 1 و15 و17 من ظهير الشريف المتعلق بزجر جنح قانون الصرف.
وضمن التهم التي وُجِّهت إلى ذات المتهمين، أورد التقرير تهمة احتراف تلقي الأموال من الجمهور والقيام بعمليات الائتمان بدون اعتماد قانوني طبقا للمادتين 1 و183 من القانون رقم 12-103 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، بالإضافة إلى توزيع وبيع عملات تقوم مقام النقود المتداولة قانونا طبقا للفصل 339 من مجموعة القانون الجنائي.
وسجل المصدر ذاته أن محكمة النقض اعتبرت أن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء المطعون في قرارها، لما أدانت الطاعن من أجل جنح احتراف تلقي الأموال من الجمهور والقيام بعمليات الائتمان بدون اعتماد قانوني وتحويل الأموال بشكل غير مشروع وبدون ترخيص من مكتب الصرف معللةً قرارها باعتياد المتهم تلقي الأموال من الأشخاص المغاربة والأجانب باعتبارهم زبناء بعد مطالبتهم بنسخة من بطاقتهم الوطنية أو جواز سفرهم، فإنها لم تخرق أي مقتضى قانوني وعللت قرارها تعليلا كافيا.
ومن بين عناصر الإدانة التي استندت إليها محكمة الاستئناف بالدار البيضاء احتراف المتهم لنشاط الوساطة في بيع العملة الإلكترونية في منصات التبادل الإلكتروني العالمية باستعمال العملات الإلكترونية وخاصة عملة البيتكوين، مقابل عمولة ما بين 3 و8 في المئة من قيمة المعاملة واستثماره في إدخارات الزبناء لحسابه الخاص في هذه العملات الإلكترونية، واحتراف تحويل العملة المغربية إلى عملة أخرى يتداول بها في مجموعة من المنصات الإلكترونية لتبادل المعاملات المالية بما يعادل قيمتها بالأورو أو الدولار، وكذا في عملات إلكترونية باستعمال “البيتكوين” التي يمتلكها بالمنصات المذكورة وكذلك الاستثمار فيها بإعادة بيعها على المنصات نفسها بعد ارتفاع قيمتها في السوق الإلكتروني”.
وبخصوص ما بات يعرف بـ”الاحتيال بالبريد الإلكتروني المهني “Business Email Compromise”، أفاد التقرير أنه من بين أحدث الأساليب التي أصبحت تستعمل من أجل الاحتيال على الضحايا ودفعهم إلى تحويل مبالغ مالية مهمة لفائدتهم.
وأوضح التقرير ذاته أن هؤلاء المجرمين يعملون على قرصنة البريد الإلكتروني للشركات (غالبا ما تكون شركات موردة المواد أو منتجات معينة) وإحداث بريد إلكتروني شبيه بالبريد الإلكتروني الأصلي للشركة يصعب التمييز بينهما، مورداً أن المخترقين يعمدون على انتحال صفة المسؤول عن التوريد بالشركة ويقومون بدعوة زبنائها إلى القيام بتحويلات لفائدتهم.
وفي هذا الإطار، أورد التقرير أنه تم تسجيل قضيتان من هذا النوع سنة 2023، الأولى بالمحكمة الابتدائية بالناظور والثانية بالمحكمة الابتدائية بتارودانت، ما يقتضي مضاعفة الجهود للتصدي لهذه الأفعال التي تشكل تهديدا حقيقيا للاقتصاد الوطني والمصالح الأفراد، على اعتبار أنها تستهدف شركات كبرى قد تجد نفسها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه مستخدميها ودائنيها بسبب عملية الاحتيال.