الأحد, مارس 9, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيتركت الدراسة ورفض والدها احترافها الغناء.. مسار نعيمة سميح التي أنهك المرض...

تركت الدراسة ورفض والدها احترافها الغناء.. مسار نعيمة سميح التي أنهك المرض جسدها واعتزلت الناس



ولدت بحي شعبي بالدار البيضاء وتسلقت سلم النجاح بخطوات ثابتة أوصلتها لقمة الأغنية المغربية، أدت فأطربت، غنت فأفرحت وأبكت في آن واحد، هادئة وقوية، حساسة وخجولة، متواضعة ومرنة، تميزت بصوت شجي وبحة دافئة، سرقت قلوب الملايين من المغاربة والعرب، وأسست مدرسة غنائية مغربية مستقلة عن الشرق جعلتها تتربع على عرش الأغنية المغربية.

هي نعيمة سميح التي أجمعت جميع فنانات الزمن الجميل التي يفترض أن يغيرن منها على أنها “مطربة المغرب الأولى”، “سيدة الطرب المغربي”، و”عميدة الأغنية المغربية”. حظيت باحترام وتقدير كبيرين من كبار الملحنين والشعراء المغاربة بسبب موهبتها الفذة وصوتها القوي وإنسانيتها العالية.

النشأة والدراسة

ولدت نعيمة سميح سنة 1953 بحي بوشنتوف في منطقة درب السلطان بمدينة الدار البيضاء، داخل أسرة مغربية بسيطة محافظة، واكتشفت موهبتها الغنائية مبكرا في سن التاسعة.

غادرت نعيمة سميح مقاعد الدراسة في المرحلة الابتدائية والتحقت بالتكوين المهني في المدرسة الوطنية للحلاقة سنة 1966، واشتغلت في مجال الحلاقة والتجميل قبل أن تنشأ مشروعها الخاص.

قالت الراحلة نعيمة خلال استضافتها في برنامج “مسار” الذي يقدمه الإعلامي عتيق بنشيكر “لم تكن لدي مؤهلات علمية، أو تكوين موسيقي أكاديمي، غادرت المدرسة في سن مبكرة جدا، ولم يتعد مستواي الدراسي الشهادة الابتدائية”.

وأضافت “ندمت على تركي للدراسة بعد أن جلست في البيت لمدة طويلة، فاتجهت إلى الحلاقة والتجميل لأنني كنت خائفة من المستقبل، فتحت صالون حلاقة، لكن عشقي للغناء كان أقوى مني”.

الخطوات الأولى نحو الشهرة.. والاصطدام بتشدد الأب

واجهت نعيمة سميح التي تنتمي لعائلة محافظة من الجنوب المغربي صعوبة كبيرة في إقناع والدها المتدين الذي حرص على تلقينها القرآن الكريم وطرق تجويده منذ نعومة أظافرها بميولاتها الفنية، فاصطدمت بتشدده ورفضه بدعوى أن الغناء حرام وأنه يخاف عليها.

تحدت نعيمة سميح في سبعينات القرن الماضي التقاليد والمجتمع المحافظ الذي نشأت فيه وأصرت على اقتحام المجال الفني في الوقت الذي لم يكن مسموحا فيه للمرأة بالاقتراب منه، فعملت على إقناع والدها لكي يسمح لها بذلك، تقول”كان يعرض على التلفزة المغربية في ذلك الوقت برنامج اسمه “مواهب”، يعده ويقدمه عبد النبي الجيراري، فطلبت من أختي زهور، التي تكبرني أن تتوسط وتقنع والدي ليسمح لي بالمشاركة فيه، لكنها لم تفلح في ذلك، لأن والدي كان متدينا وصعب الطباع، وكان ينحدر من عائلة تنتمي إلى الجنوب المغربي”.

ألح الجيراري على مشاركتها نعيمة سميح في برنامجه، الذي تخرجت منه معظم مطربات جيلها أمثال سميرة بنسعيد، وعزيزة جلال، فلجأ إلى التوسط لها بعد أن طلبت منه المساعدة، وأقنع والدها بالسماح لها بالظهور في البرنامج خلال زيارته له بمعية محمد بنعبد السلام، محمد البوعناني، وخالد مشبال، شريطة التزامها بأعمال جادة وملتزمة، لا تتعدى دائرة الأغنية الوطنية والدينية.

بعد مشاركتها في برنامج “مواهب” وتحقيقها لشهرة كبيرة عاد والد نعيمة سميح إلى منعها من مواصلة طريقها في مجال الغناء، حيث رفض مشاركتها في برنامج مسابقة المغرب للأغنية، الذي كان يقدمه محمد البوعناني، فعمل الأخير بمساعدة مجموعة من المهتمين بالمجال الفني على إقناعه بتأكيد على أنه سيلتزم بنفس شروطه السابقة المتمثلة في الأغنية الوطنية والدينية فقط.

قال الإعلامي والشاعر المغربي محمد البوعناني خلال استضافته في برنامج “مسار”: “كان من الصعب في تلك الفترة أن تقنع أي أسرة مغربية بدخول ابناتها إلى مجال الغناء الذي كان يحتكره الرجال فقط، لقد واجهنا صعوبة كبيرة في إقناع والد نعيمة بذلك”.

تمكنت نعيمة سميح التي شاركت في المسابقة بأغنية “وحياتك يا شيخ مسعود” من انتزاع المرتبة الأولى وكسب إعجاب الجمهور المغربي الذي بدأ ينطرب بصوتها ، فزدادت شهرتها واهتمام الملحنيين والشعراء بها.

تنبأ الملحن محمد بنعبد السلام بمستقبل زاهر لنعيمة سميح فخصها بالعديد من الأغاني أبرزهم “الله عليها قصارة”، ورائعة “البحارة”، فنطلقت مسيرة ابنة درب سلطان الاحترافية وهي في 16 من عمرها، وتعاملت مع كبار الملحنين منهم عبد الرحيم السقاط، الذي لحن لها رائعة “الخاتم، عبد القادر وهبي الذي لحن لها أشهر أغانيها “ياك أجرحي”، وأحمد الطيب العلج الذي تكفل بأغنية “جاري يا جاري، كما خصها عبد الوهاب الدكالي بأغنية “رحلة النصر”.

إلى جانب الغناء، خاضت نعيمة سميح في  أواسط السبعينيات من القرن الماضي تجربة التمثيل من خلال الفيلم السينمائي المصري “الدنيا نغم” للمخرج سمير الغصيني، رفقة مجموعة من الفنانين أبرزهم عمر خورشيد، ناهد شريف، وعبد الهادي بلخياط، وليد توفيق، وزياد مولوي.

كما غنت نعيمة سميح بعدة لهجات منها المصرية والخليجية وحققت أغنية “جيتك لبابك حبيبي” التي أشرف على تلحينها الموسيقار الكويتي يوسف المهنا انتشارا جماهيريا واسعا ، ولازال العديد من الفنانين المشارقة يؤدونها في حفلاتهم إلى الآن.

رفضت المشرق وأسست مدرسة غنائية مغربية مستقلة

حظيت الفنان الراحلة نعيمة المشرقي بمحبة واحترام كبيرين من الجمهور المغربي بسبب محافظتها على الأغنية المغربية وتمسكها بها في الوقت الذي كانت رياح المشرق تجذب كل فنان يرغب في تحقيق الشهرة والمال.

وكشفت نعيمة سميح خلال استضافتها في برنامج “مسار”، أنها لم تندم قط على قرار تشبثها بالأغنية المغربية وعدم الهجرة للشرق، قائلة: “المغرب أجمل بلدان العالم هو بلد الخير والإحسان، ولو منحوني كل جنسيات العالم مع احترامي للجميع، لن أرضى بغير تراب بلدي”.

وتعد نعيمة سميح أصغر فنانة عربية تغني على خشبة مسرح الأوليمبيا الشهير بباريس عام 1977، وثالث فنانة عربية تغني في هذا الصرح الفني بعد أم كلثوم وفيروز.

المرض واعتزال الناس

في كتاب حياة الفنانة نعيمة سميح صفحات عديدة مليئة بالحزن، فقدت تأثرت بشكل كبير بفقدان العديد من أفراد أسرتها آخرهم شقيقتها الإعلامية زهور التي كانت تجمعها بها علاقة قوية بسبب دعمها واحتوائها لها منذ طفولتها، فغنت لها بعد فقدانها “شكون يعمر هذ الدار اللي خوتيها”، إضافة إلى فقدانها لزوجها البطل المغربي في رياضة الدراجات مصطفى بلقايد.

عانت “عميدة الأغنية المغربية” من المرض لسنوات طويلة أنهكت جسدها، كما اضطرت للقيام برحلات علاجية خارج المغرب الأمر الذي أثر على مسيرتها الفنية ودفعها إلى الغياب بشكل تدريجي إلى حين إختفائها بشكل كامل ومفاجئ عن الأضواء.

كشف مقربون من الراحلة نعيمة سميح أنها عانت كثيرا من السرطان وقررت ارتداء الحجاب بعد تأديتها لمناسك العمرة، قبل أن تختلي بنفسها وتعتزل رؤية حتى أقرب أصدقائها في السنوات الأخيرة.

وخلف خبر وفاة الفنانة المغربية المعتزلة نعيمة سميح، في الساعات الأولى من صباح اليوم السبت 8 مارس، عن عمر ناهز 72 عاما  حالة حزن داخل الوسط الفني وبين المغاربة الذين أجمعوا على ذكر محاسنها متمنين لها الرحمة.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات