الخميس, مارس 6, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيالدار البيضاء.. مدينة الأناقة والتجارة منذ القرن السادس عشر

الدار البيضاء.. مدينة الأناقة والتجارة منذ القرن السادس عشر


مدينة الدار البيضاء، بما في ذلك مسورتها العتيقة، تعد واحدة من المدن المغربية حديثة العهد، قياسا بحواضر مغربية كبيرة أخرى، غير أن الاستيطان البشري للمنطقة التي تشكل مجالها قديم جداً وفقاً لأحدث الدراسات الحفرية، كما أن نصوصاً تاريخية عمرها عدة قرون نقلت أخبار المدينة بوصفها عامرة ومزدهرة ولها أهل بارعون في فنون العيش.

وفي هذا الصدد، أكد كريم الرويسي، نائب رئيس جمعية “كازا ميموار” المعنية بتراث العاصمة الاقتصادية للمملكة، أنّ السلطان محمد بن عبد الله العلوي يعد شخصية مِحورية في تاريخ المدينة، إذ أمر بإعادة بنائها وإعمارها في أواخر القرن 18 الميلادي، “بيد أن المجال الذي بُنيت عليه عرف حضوراً بشريا منذ القدم”.

واستشهد المتحدث على ذلك، خلال مروره ببرنامج “أحياء في الذاكرة” الذي تقدمه جريدة “مدار21” برسم شهر رمضان الفضيل، باكتشاف علماء الآثار مجموعة من دلائل الحضور الإنساني بمدينة “أنفا”، والتي مثلت كذلك خلال حقبة طويلة عاصمة لقبائل “برغواطة” الشهيرة.

كما لفت الخبير في عمران البيضاء إلى أنّ الرحالة المغربي الأندلسي الشهير، الحسن بن محمد الوزان، “ليون الإفريقي”، والذي عاش بين القرنين الخامس والسادس عشر الميلاديين، تحدث عن مدينة مزدهرة في مؤلفه الشهير “وصف إفريقيا”.

ويشير المصدر الآنف إلى أن ساكنة “أنفا” كانوا يشتهرون بأناقتهم ويتعاطون مجموعة من المهن التجارية، وكانت تربطهم علاقات تجارية مع الكثير من المدن الأخرى من خلال الميناء، قبل أن تتعرض حاضرتهم للهدم على يد البرتغاليين.

“منذ ذلك الحين ظل مجال مدينة الدار البيضاء شبه فارغ، إلى أن قرر السلطان محمد بن عبد الله إعادة إعمارها في إطار سياسة تشييد الحصون التي كان يتبعها لحماية المغرب من الغزاة، وخاصة البرتغاليين” يضيف الرويسي.

وذكر المتحدث بأن “الصقالة” الشهيرة بالدار البيضاء كانت عبارة عن حِصن يحمي المدينة من الغزاة، وأنها في بداياتها شُيدت في مواجهة البحر مباشرة، قبل احتلال الفرنسيين المدينة في بدايات القرن 20 وبنائهم للميناء، ما أدى إلى فصل الصقالة بمسافة معينة عن البحر.

وتوجد داخل تلك المساحة الضيقة نسبياً عدة مساجد أبرزها المسجد الكبير، ومسجد “ولد الحمراء” ومسجد “الشلوح”، نسبة لقبائل “حاحا” التي استقدمها السلطان العلوي سالف الذكر لإعمار المدينة واستيطانها، جنباً إلى جنب مع قبائل الشاوية المجاورة للمنطقة.

وأورد أن “الميناء الطبيعي” الذي حظيت به الدار البيضاء منذ القدم يُفسر كونها منطقة قديمة للاستيطان البشري، وهو ميناء كانت السفن القديمة تجد مع ذلك صعوبة في الرسو فيه، لكن مع ظهور البواخر البخارية، أصبحت البيضاء صاحبة أكبر ميناء بالمغرب منذ منتصف القرن 19، أي قبل الاستعمار.

ومن خصائص المدينة القديمة أيضا، التواجد القديم لقنصليات بعض البلدان كألمانيا وإسبانيا وفرنسا والبرازيل، كما تعد مدينة متعددة الديانات بامتياز، وهو أمر نادر في المغرب؛ “نحن نعلم بأن المدن المغربية معروفة بوجود أحياء يهودية إلى جانب أحياء المسلمين، يشهد على ذلك الحضور المتميز لليهود المغاربة ومعابدهم فيها”.

أما بالنسبة للمدينة القديمة للدار البيضاء، فإلى جانب المعابد اليهودية والمساجد نعثر أيضاً على كنيسة إسبانية، في تعايش نادر لا مثيل له بالمغرب إلا بمدينة طنجة.

وبالنسبة للمشاكل التي تعاني منها المدينة العتيقة؛ فجزء منها مرده للاكتظاظ السكاني الذي عرفته إبّان القرن العشرين بعد توافد أعداد كبيرة من المهاجرين عليها؛ “من الخصوصيات التاريخية البارزة لهذه المنطقة كونها تمثل المقصد الأولي الذي يتوجه إليه كل وافد على البيضاء، وهذا أمر ضارب في التاريخ وما زال مستمراً إلى غاية اليوم مع المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى”.

ولفت الرويسي إلى أن ذلك أدى إلى معاناة المدينة العتاقة من عدد من المشاكل والضغوطات والإكراهات والهشاشة، ما دفع إلى إعداد مخطط لإعادة تأهيلها منتصف العقد الماضي، يرى الخبير أنه يجب أن يراعي الحفاظ على هويتها، بوصفها موروثا ثقافياً متميزاً لعاصمة المال والأعمال.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات