الخميس, مارس 6, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيحوارات ثقافية في الذاكرة. اعتماد سلام تحاور الأديبة خناثة بنونة

حوارات ثقافية في الذاكرة. اعتماد سلام تحاور الأديبة خناثة بنونة


في واحدة من نفائس الحوارات الثقافية التي يمتلكها ربيرتوار إذاعة ميدي 1،  هناك حوار الزميلة الصحفية اعتماد سلام مع نخلة الثقافة المغربية الشامخة الأديبة خناثة بنونة.

اليكم نص الحوار    

س: ما الذي تبقى من مكتبتك بعدما اخترت أن تتبرعي بها مبكرا أستاذة خناتة؟

ج: أنا امرأة أو إنسانة مسكونة بحب الكتاب وحب الكلمة وحب الحرف وحب المعرفة، ما جعلني باكرا وأنا لا أملك إلا الشهادة الابتدائية أؤسس مكتبة صغيرة في بيت والدي بمدينة فاس، البيت كما يعرف الجميع كان على الطراز القديم الأندلسي الفاسي المغربي وكنا نسمي أركانه “السفلي” و “الفوقي” و”المنزه” و”المنيزه” ومن قلة خبرتي جعلت المكتبة في المنزه فكان على الزوار والمشاركين أن يصعدوا الدرج إلى الطابق الأعلى للحصول على الكتب، وهذه المكتبة تطورت وازدهرت نسبيا.

س: ما هي بعض الكتب التي كانت تحتوي عليها حينذاك أستاذة خناتة؟

ج: كانت آنذاك تحتوي مثلا على كتب نجيب محفوظ الذي كنت منبهرة به منذ الأول ولازلت إلى الآن، وعلى كتب إحسان عبد القدوس وعلى بعض الترجمات ولم تكن متخصصة لأنه لم يكن ورائي من يوجهني فكنت أقرأ كل أنواع المعارف، لهذا كانت المكتبة تحتوي حتى على كتب في الجانب الديني والجانب الأخلاقي وغير ذلك.

س: لاحقا كيف كبرت مكتبتك؟ وما هي أبرز الكتب التي حرصت على أن تكون موجودة فيها؟

ج: على أي حال، عندما ارتحلنا من فاس إلى الدار البيضاء، تم ترحيل المكتبة أيضا، فكانت هي النواة لتأسيس مكتبة “ثانوية ولادة” التي التحقت بها كمديرة، بل وأصبحت هذه المكتبة أو جزء منها، أي الكتب التي تجاوزها الزمن.. أصبحت عبارة عن جوائز للمتفوقات من طالبات ثانوية ولادة، وقد حافظت على بعض هذه الكتب حتى أهديت المكتبة كلها لله وللوطن ولمكتبة علال الفاسي.

س: بالنسبة لإهداء مكتبة، أليس أمرا صعبا أن تتخلي عن كتب لك معها ذكريات وواكبتك خلال مراحل مختلفة من حياتك أستاذة خناتة؟

ج: ولكن حينما استفدت أنت منها فحرام عليك أن تمنعي الآخرين من الاستفادة منها، بل استطعت أن أطور مكتبة ثانوية ولادة لتصبح هذه المكتبة أهم مكتبة في ثانويات المدينة وفتحتها للباحثين والدارسين الجامعيين وأصبحت مقصدا حتى لباحثين من خارج المغرب.

س: متعة العطاء دائما أكبر من متعة الأخذ..

ج: الحمد لله، يعني حينما استنفذت كتب هذه المكتبة فلماذا تبقى عندي ولا يستفيد منها الآخرون، لهذا اشتغلت عليها اشتغالا عذبني وأورثني مرض الربو إلى الآن. بقيت لنحو سبعة أشهر في حيرة كبيرة بسبب أي جهة سأسلمها مكتبتي، حين قامت الجرائد بالإعلان عن هذا المشروع الذي أشتغل عليه اتصل بي الدكتور أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ذكره الله بخير، والتقيت أنا وهو والأخ الكريم الذي أحييه من هذا المنبر الأستاذ محمد الأشعري الذي كان آنذاك وزيرا للثقافة على وجبة غذاء في مطعم، وقال لي الدكتور أحمد التوفيق بناء على ما علماه معا من اشتغالي على مكتبتي الخاصة من أجل إهدائها للشعب المغربي، قال لي أنا أطلب منك أن تهديها للمكتبة الوطنية وكانت المكتبة الوطنية الجديدة حينها ستفتح قريبا. بيت القصيد، نظرا لكون هذه المكتبة لا القديمة ولا الجديدة قريبة من كلية الآداب وقريبة من مركز الرباط وقريبة أيضا من الطلبة حتى لا يتعبهم البحث عن وسيلة نقل وافقت على ذلك ولكن قلت هناك شيء آخر. قالا لي ما هو؟ قلت هنالك الأخلاق وهنالك الوفاء، علال الفاسي بقامته التي لا تصلها أي قامة علما ونضالا وزعامة وفكرا وشعرا وأدبا وأخلاقا، ليس في حاجة إلى مكتبتي، ولكنه الرجل الذي تبناني باكرا وقرأني قبل أن أقرأ نفسي، واحتضن تلك المبدعة المغموسة في الرماد داخلي ورعاها وتبناها، بل وحماني من أسرتي وحماني من زواجي المبكر، وكان يناديني ابنتي وابنة المغرب وقرة عيني، ويقول لي ولدت في المغرب قبل وقتك بمئة عام فلهذا ستتعذبين، وفي آخر تكريم لي قبل أشهر حينما كرمت من قبل مركز البحث الزراعي في المغرب تقديرا لمساهمتي في بحث حول “الشعير في المغرب” وبالمناسبة، هناك نوع يسمى الآن شعير خناتة، حينها قال أيضا نزار بركة وهو حفيد علال الفاسي متحدثا خلال التكريم: إنك ابنة علال الفاسي الذي قال عنك إنك جئت إلى المغرب قبل مئة سنة ولهذا ستتعذبين، ولقد تعذبت العذاب الخـلاق.

 س: إذن، هل قررت إهداء مكتبتك لمؤسسة علال الفاسي أيضا؟

ج: إهداء رمزيـا، لأنه لم يكن المكان يسعها هناك في مكتبة علال الفاسي نظرا لكبر مكتبته رحمة الله عليه، فلهذا وضعت في غرفة أخرى. وقدمت جزءا من هذه المكتبة، للمكتبة الوطنية مع الأرشيف الخاص بي وأهديت جزءا منها لمكتبة مسجد الحسن الثاني أيضا.

س: تحدثت عن الزعيم الراحل علال الفاسي وكما قلت كان بمثابة الأب الروحي لك. رأيت أنك تضعين صورة كبيرة له في زاوية من مكتبتك هل لازلت تحتفظين أيضا ببعض مؤلفاته؟

ج: لا، لأنه كما قلت لك حين يتم استنفاذ ذلك الكتاب يجب أن يذهب لإفادة الآخرين. وقد تفضل أيضا أحد الزعماء المغاربة الكبار الراحل عبد الرحمان اليوسفي رحمة الله عليه وأهداني مذكراته.

س: ما الإهداء الذي كتبه لك سي عبد الرحمان؟

ج: كتب لي في أول جزء من الأجزاء الثلاثة لمذكراته، إلى الأستاذة خناتة بنونة… قرة عين سي علال الفاسي، كتب سي علال وليس السيد علال رحمة الله عليهم جميعا فبكيت، لقد بكيت.

س: بكيت بسبب ما قاله علال الفاسي أم لأن شخصا مثل سي عبد الرحمان استحضر هذا القول؟

ج: بكيت تأثرا، ليس بكاء ضعف ولكن تجاوبا مع هؤلاء القامات الكبيرة، لأنه حينما رجع عبد الرحمان اليوسفي رحمة الله عليه من المنفى الاختياري أرسل يطلبني، وحين دخلت عليه وجدت صورتي فوق تلفازه أنا المحسوبة على حزب الاستقلال وأقول دائما لست استقلالية لكنني علالية. وعلى كل حال في لقاء سابق لي وهو أول لقاء مع الأستاذ اليوسفي في بيت أصهار الأستاذ باهـي قدمني إليه الأستاذ الوديع الآسفـي رحمة الله عليهم جميعا وما أدراكم ما الأستاذ الآسفي، المحكوم عليه بالإعدام مرتين في عهد الاستعمار وفي الاستقلال. وقال له هذه خناتة بنونة (للي كتدخل فينا طولا وعرضا) فتبسم سي عبد الرحمان وقال لي: ولو أنك تفعلين ذلك فنحن معجبون بك.

تستمعون أيضا إلى حوار شيق للزميل شكري البكري مع الأديبة خناثة بنونة .



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات