الخميس, مارس 6, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربي"صرخات من الهامش" .. عندما يتحول وصف "الله يعمرها دار" إلى عبء...

“صرخات من الهامش” .. عندما يتحول وصف “الله يعمرها دار” إلى عبء على درعة تافيلالت؟



أكد الناشط الحقوقي والباحث في سوسيولوجيا الهوية، يوسف العنزي تاشفين، أن وصف “الله يعمرها دار” الذي يُطلق على سكان جهة درعة تافيلالت، ليس مجرد ترف أخلاقي أو توصيف يُطلق اعتباطا، بل هو حقيقة تُترجم واقعا ملموسا في كفاءات أبناء الجهة ورأسمالها البشري. وأضاف أنه في مختلف أقاليمها الخمسة، تبرز درعة تافيلالت بمواردها البشرية التي تشكل عمادا أساسيا في العديد من القطاعات الحيوية داخل الدولة.

واعتبر تاشفين، في حلقة جديدة من برنامج “صرخات من الهامش” الذي يبث على منصات جريدة “العمق” خلال شهر رمضان، أن الرأسمال البشري هو أهم ما تملكه الجهة، وأن أبناء الجهة تجدهم مرابطين في صفوف القوات المسلحة الملكية، يدافعون عن الوطن بإخلاص وتفان، كما تجدهم في مختلف أوراش البناء والتنمية، بينما بناتها يشتغلن بصبر في مصانع طنجة والدار البيضاء وفاس. وأضاف أن أبناء الجهة يُعدّون من خيرة نخب المغرب، وليس ذلك تفضيلا للمغاربة بعضهم على بعض، بل هو اعتراف بتميز أبناء درعة تافيلالت في أخلاقهم ومروءتهم.

وبحسب المتحدث، فإن من مظاهر هذا التميز أيضا، أن الناجحين في البكالوريا سرعان ما يلتحقون بالعمل في الشركات والمعامل دون الاتكال على الأهل، وهو سلوك متجذر في ثقافة المنطقة. واستطرد: “لكن في السنوات الأخيرة، بدأ توصيف “الله يعمرها دار” يُقرأ بحمولات سلبية، حيث بات يُنظر إليه كدلالة على تحمل أهل الجهة للمصاعب دون احتجاج، مما أدى إلى نوع من التطبيع مع واقع التهميش واللامعنى الذي يتجلى في مؤشرات التنمية البشرية بدرعة تافيلالت”.

وفي حديثه عن المسؤولية، أكد تاشفين أن التهميش الذي تعيشه درعة تافيلالت لا يتحمل مسؤوليته طرف واحد فقط، بل هو نتاج سياسات حكومية متعددة. وأوضح أن الدولة، منذ الاستقلال، عمدت إلى تنفيذ سياسات تركزت على المناطق الساحلية والسهلية، في حين تم إهمال مناطق الواحات والجبل، ومنها درعة تافيلالت. ورغم محاولات الدولة للتنمية اللامركزية منذ السبعينيات، إلا أن الواقع لم يتغير بشكل يضمن توزيعا عادلا للثروات.

كما حمّل تاشفين الحكومات المتعاقبة جزءا من المسؤولية، موضحا أن السياسات التنموية ركزت بشكل كبير على المدن الكبرى مثل طنجة والرباط والدار البيضاء وفاس، بينما ظل المغرب الداخلي، ومنه درعة تافيلالت، مهمشا، مضيفا أن الطبقة السياسية في المنطقة، رغم وجود عدد كبير من البرلمانيين والمجالس المحلية، لا تملك القدرة على الترافع بفاعلية عن مصالح الجهة، مما يساهم في استمرار هذا التهميش.

وأشار الناشط الحقوقي إلى أن المثقف المحلي في درعة تافيلالت يجب أن يكون ضمير الجهة، وأن يلعب دورا رياديا في تعبئة الرأي العام حول قضايا التنمية. لكن الواقع يُظهر أن المثقف المحلي لم يتمكن بعد من تشكيل حركة ثقافية فعالة تدمج مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في دفاع مشترك عن حقوق الجهة.

وأكد الباحث في سوسيولوجيا الهوية، على ضرورة أن يكون لدرعة تافيلالت صوت موحد وقوي أمام الحكومة وصناع القرار، مشددا على أن وجود لوبي ثقافي وجمعوي وسياسي قوي قادر على الترافع عن حقوق الجهة، بعيدا عن الاختلافات الإيديولوجية والثقافية، يعد أمرًا حيويًا من أجل تحقيق العدالة والتنمية المستدامة في المنطقة.

وشدد على أن بناء خطاب موحد للدفاع عن حق درعة تافيلالت في الإنصاف الترابي وجبر الضرر التنموي يجب أن يكون أولوية، مع الاستناد إلى الثوابت الوطنية والشرعية السياسية، في إطار مقاربة تعتمد على ثنائية المركز والهامش التي تحدث عنها الباحث المصري سمير أمين، كمدخل لبناء نموذج تنموي عادل يضمن توزيعًا متكافئًا للثروات المادية والرمزية في المغرب.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات