تشهد الساحة السياسية المغربية حالة من الغليان، حيث تتزايد حدة الخلافات داخل التحالف الحكومي في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات، وهي قضايا باتت تتصدر اهتمامات الشارع المغربي، خصوصًا مع حلول شهر رمضان.
ورغم محاولات الأحزاب المكونة للأغلبية إظهار تماسكها، فإن التصريحات المتبادلة تكشف عن خلافات عميقة تهدد بانفجار الوضع السياسي قبل الانتخابات التشريعية المقبلة.
في هذا السياق، دخل حزب الاستقلال على خط الجدل، متبنيًا خطابًا مزدوجًا يجمع بين وجوده داخل الحكومة وانتقاده لسياساتها.
فبينما يشغل الحزب مناصب وزارية رئيسية، يتبنى بعض قياداته خطاب المعارضة، مستغلين موجة الغلاء للتقرب من الشارع المغربي.
هذا التناقض ظهر بوضوح في تدوينة النائب البرلماني خالد الشناق، على حسابه الشخصي في فيسبوك، أنه “في أولى ليالي رمضان الأبرك و بعد التوجيه الملكي الحكيم القاضي بعدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد، هناك انخفاض مهم تعرفه جل الأسواق المغربية فيما يتعلق بجميع المواد الغذائية و بالخصوص اللحوم و الأسماك و الخضروات”.
وأضاف البرلماني المقرب من نزار بركة الأمين العام للحزب أن “أمر المضاربين و المحتكرين، انكشف في انتظار باقي القطاعات و على رأسها لوبي المحروقات الذي أبى أن يخفض هامشه الربحي الذي يتجاوز درهمين للتر الواحد، و الله يهديكم على الدراوش”.
هذه التدوينة، التي لاقت تفاعلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، تعكس تصاعد حدة الخلافات داخل الأغلبية الحكومية، حيث اعتبرها البعض هجومًا ضمنيًا على سياسات الحكومة في ضبط الأسعار، رغم أن حزب الاستقلال شريك أساسي في تدبير الشأن العام، ويشغل وزراؤه مناصب حساسة داخل الحكومة.
وسبق أن اتخذ نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، موقفًا أكثر جرأة في انتقاد سياسة الحكومة، رغم كونه جزءًا منها.
ففي تجمع جماهيري بأولاد فرج، لم يتردد بركة في توجيه انتقادات لاذعة لملف ارتفاع أسعار اللحوم، معتبراً أن الحكومة فشلت في كبح جماح الغلاء ومعالجة الأزمة بفعالية.
على الجانب الآخر، يزداد التوتر بين حزبي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة، الشريكين الرئيسيين في الحكومة، حيث لم يعد الخلاف يقتصر على الكواليس، بل أصبح علنيًا عبر التصريحات المتبادلة.
هذا الصراع الداخلي قد يشكل تهديدًا لاستقرار الحكومة، خاصة إذا استمرت الأحزاب في تحميل بعضها البعض مسؤولية الأزمة الاقتصادية.
في ظل هذا التصعيد، سبق للناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، التقليل من أهمية هذه الخلافات، مؤكدًا أن الفضاء السياسي يختلف عن الفضاء الحكومي، وأن الأولوية تبقى لتنفيذ الالتزامات الحكومية وفق التوجيهات الملكية.
لكن تصريحاته لم تكن كافية لتهدئة الأجواء، خاصة مع تصاعد وتيرة التصريحات النارية من داخل التحالف نفسه.
مع اشتداد الجدل السياسي واحتدام الصراع داخل الأغلبية، يظل المواطن المغربي في انتظار حلول حقيقية تخفف من وطأة الغلاء، بعيدًا عن المناورات السياسية.
فهل تنجح الحكومة في تجاوز هذه الخلافات والعمل بجدية على معالجة الأزمة، أم أن الصراع الداخلي سيضعف قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد؟