في ظل استمرار النظام الجزائري في محاولاته لإقناع الداخل الجزائري بأن قضية الصحراء المغربية هي “قضية جزائرية”، يبرز الدور الحيوي الذي يمكن أن يلعبه الترافع المدني المغربي في التعريف بشرعية مغربية الصحراء لدى الأجيال الصاعدة.
الخطاب الملكي الذي ألقاه الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الحالية، أكد على أهمية “تضافر جهود كل المؤسسات والهيئات الوطنية، الرسمية والحزبية والمدنية، وتعزيز التنسيق بينها، بما يضفي النجاعة اللازمة على أدائها وتحركاتها”، وذلك من أجل “شرح أسس الموقف المغربي للدول القليلة التي ما زالت تسير ضد منطق الحق والتاريخ، والعمل على إقناعها، بالحجج والأدلة القانونية والسياسية والتاريخية والروحية، التي تؤكد شرعية مغربية الصحراء”.
وفي إطار الجهود الدبلوماسية، شدد الخطاب الملكي على “الدور الفاعل للدبلوماسية الحزبية والبرلمانية في كسب المزيد من الاعتراف بمغربية الصحراء، وتوسيع الدعم لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لهذا النزاع الإقليمي”، داعيا إلى “المزيد من التنسيق بين مجلسي البرلمان بهذا الخصوص، ووضع هياكل داخلية ملائمة، بموارد بشرية مؤهلة، مع اعتماد معايير الكفاءة والاختصاص في اختيار الوفود، سواء في اللقاءات الثنائية أو في المحافل الجهوية والدولية”.
في هذا السياق، أوضح العباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط، أن المغرب “شهد انتقالا نوعيا” في التعريف بمشروعية قضيته الوطنية الأولى، وذلك بفضل نجاح الطرح المغربي المتعلق بمبادرة الحكم الذاتي.
وقال الوردي، ضمن تصريح لهسبريس، إنه على الرغم من المحاولات المستمرة للنظام الجزائري عبر مؤسساته العسكرية لإقناع الشعب الجزائري بأن قضية الصحراء هي قضية جزائرية، إلا أن “الواقع مختلف تماما، إذ إن القضايا الدولية لا يجب أن تتدخل فيها دول أخرى بشكل سافر، وهو ما تحاول الجزائر القيام به من خلال تضليل الرأي العام الداخلي”.
وأشار إلى أن “الخطاب الملكي السامي رسم خارطة طريق واضحة لكل الفاعلين المغاربة، سواء على المستوى السياسي أو المدني، للترافع بفعالية عن قضية الصحراء المغربية.
وقد أكد جلالته أهمية إشراك المجتمع المدني المغربي في هذه الديناميكية ليصبح فاعلا رئيسيا على مستوى الترافع الإقليمي والدولي، سواء في المحافل الرسمية أو المنظمات الدولية، الحكومية وغير الحكومية”.
وأضاف أن هناك “حاجة ملحة لخلق بنية موازية للعمل السياسي في المغرب، تركز على تكوين وتأهيل الفاعلين المدنيين من أجل مواجهة الدعايات الكاذبة التي تروجها الجزائر حول قضية الصحراء”، مشددا على أن المجتمع المدني “بحاجة إلى دعم لوجستي ومادي وبشري ليتمكن من أداء دوره الدستوري والدفاع عن القضايا الوطنية، وعلى رأسها قضية الصحراء”.
وذكر أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط أن تأسيس مجلس للشباب والعمل الجمعوي، “من شأنه تعزيز قدرة المجتمع المدني على الترافع بفعالية أكبر، وضمان وصول صوت الأجيال الصاعدة إلى المحافل الدولية ولعب دور محوري في شرح موقف المغرب بوضوح، وتقديم الأدلة التاريخية والسياسية التي تدعم مغربية الصحراء، في مواجهة الدعايات المغرضة التي يروجها النظام الجزائري في الداخل والخارج”.
من جانبه، أشار عبد العالي بنلياس، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط، إلى أن العقيدة السياسية والدبلوماسية للدولة الجزائرية “تقوم على معاداة المصالح القومية للمغرب من بوابة الصحراء المغربية”.
ونبّه بنلياس، في حديث لهسبريس، إلى أن السلطات الجزائرية “تحاول جاهدة من خلال وسائل الإعلام المختلفة والمقررات الدراسية ترسيخ هذه العقيدة في الأجيال الحالية والمستقبلية، وتصوير المغرب بأنه بلد محتل للأقاليم الجنوبية وأن الدولة الجزائرية تقف بجانب الشرعية وحق ما يسمى بالشعب الصحراوي في تقرير المصير”.
وأضاف في هذا السياق: “من هنا تظهر لنا أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الدبلوماسية الموازية في تصحيح هذه المغالطات، سواء من خلال جمعيات ومنظمات المجتمع المدني أو من خلال المؤسسات الأكاديمية، لشرح حقيقة هذا النزاع وتوضيح جذوره التاريخية وأسبابه السياسية”.
وخلص الأستاذ الجامعي ذاته إلى “ضرورة التأكيد على أن المغرب الرسمي والشعبي يؤمنان إيمانا عميقا بأن مستقبل العلاقات بين البلدين ينطلق من وضع حد لهذا الخلاف بالطرق الدبلوماسية والسياسية التي تراعي مصالح البلدين، والتي تعززها الروابط التاريخية والجغرافية والدينية التي تربط بينهما”.