حسن البصري
حل جوزيف زينباور، المدرب السابق للرجاء الرياضي، بمدينة تيزي وزو الجزائرية، بعد تعيينه مدربا لفريق شبيبة القبائل. هذا الفريق الذي صنع مجده الراحل محيي الدين خالف ابن بلقصيري.
في الطريق من مطار هواري بومدين إلى عاصمة القبائل، كان المسير الجزائري المرافق للمدرب الألماني، ينصحه بتفادي الحديث عن الطفرة الكروية التي يعرفها المغرب، عن شعبية الرجاء الرياضي، عن الشعب المغربي، عن كل ما قد يغضب النظام الجزائري الحاكم للضرورة الأمنية.
في تصريحاته للصحفيين الجزائريين بعد قيادته تدريبات الفريق الجزائري لأول مرة، اكتفى زينباور بـ«تعظيم سلام» لشبيبة القبائل وكشف عن شهيته المفتوحة لتحقيق الألقاب. ردد المدرب الألماني العبارة نفسها التي قالها في أول لقاء له مع الصحفيين المغاربة حين التحق بالرجاء، تقريبا الكلمات ذاتها والنبرات نفسها: «تاريخ الرجاء وتقاليده وجمهوره، كانوا السبب وراء قبول عرض قيادة النادي، سأعمل بكل جدية من أجل الفوز بالبطولات».
استبدل زينباور كلمة الرجاء بشبيبة القبائل، وخلافا للدلع الذي مارسه حين كان مدربا للرجاء، وافق، على مضض، على ضم جزائري عائد من ألمانيا ضمن طاقمه التقني.
سيلتقي زينباور بحارس الرجاء السابق غاية مرباح، سيحكي له عن أيام كان الجراد الأخضر يكتسح اليابس والأخضر، سيروي له مرباح قصة ترحيله من الدار البيضاء إلى طنجة، وسيضربان كفا بكف على حال الرجاء.
بعيدا عن «لكلاشات» العابرة للحدود بين «مؤثرين» مغاربة وجزائريين والتي استعملت فيها أسلحة دمار الأخلاق الشامل، يمكن القول إن الاستعانة بمدربين عائدين من تجارب ناجحة في المغرب، يدخل في سياق الاستفادة من التجربة المغربية.
يذكر المغاربة باتريس بوميل الذي كان مساعدا لمدرب المنتخب المغربي في عهد هيرفي رونار، روج الإعلام الجزائري لهذه الصفقة، بعد تعيينه مدربا لمولودية الجزائر، ونقلت الصحف خبر «هروبه» من المغرب واعتناقه الإسلام وصيامه رمضان وسجوده في الملاعب واستبدال اسم باتريس بـ«الحاج بوعلام» ورسم على جبينه عملة الدينار، وحين صام عن الانتصارات الميدانية امتد الغضب الساطع إلى المدرجات فكشف «بوعلام» عن حقيقة إسلامه وقال إن علاقتي بفتاة جزائرية ورغبة الزواج منها هي الدافع لاعتناق الديانة الإسلامية.
تقريبا نفس سيناريو المدرب الراحل فرانسوا براتشي، الذي درب أولمبيك خريبكة والفتح الرباطي، وجعل من مقامه على رأس مولودية الجزائر فرصة لزواج عابر.
أما صاحبنا زينباور، الذي كان طعما لبودريقة وسببا في اعتقاله بمدينة هامبورغ الألمانية، فقد خسر خسرانا مبينا في مكة حين أشرف على تدريب فريق الوحدة السعودي وغادره مطرودا بعد أن ابتلي بهزائم بحصص سمينة.
نحتاج أحيانا للرجوع إلى كتب التاريخ لنتوقف عند فضل المغرب على الكرة الجزائرية حين احتضنت بلادنا فريق جبهة التحرير الوطني الجزائري، ضدا على تحذيرات الفيفا وكان جزاؤنا عقوبات صادرت مشاركتنا في التظاهرات الدولية والقارية.
استعانت الكرة الجزائرية بعدد من المدربين المغاربة، كما استعان المغرب بمدربين جزائريين، وظلت كرة القدم جسرا لعلاقات رياضية بين بلدين أغلقا الحدود وسرحا زوج بغال.
حين حل المغربي العربي بن مبارك بسيدي بلعباس الجزائرية لتدريب فريقها، سلم لمسؤولي الفريق هدية عبارة عن مسدس، نال على إثره شهادة من مكتب جبهة التحرير الجزائرية في الرباط، تتضمن شكرا للمدرب المغربي على حسه القومي الكبير.
لا يوجد هذا المسدس طبعا في متحف المجاهد في العاصمة الجزائرية، الذي يحوي مسدسات قديمة كان قد أهداها الرئيس جورج واشنطن إلى الأمير عبد القادر الجزائري، ولا توجد الشهادة في متحف المعمورة، ولكن التاريخ يسجل رغم أن الناس مهووسون بمن يسجل إصابات أكثر من الهوس برائحة كتب التاريخ ومذكرات صناعه.