اختتم حزب العدالة والتنمية الدورة العادية للمجلس الوطني التي انعقدت يومي 18 و19 يناير 2025 في مجمع مولاي رشيد ببوزنيقة، تحت شعار “دورة الصمود والانتصار”، في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات سياسية واستراتيجية بارزة، وفي مقدمتها تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة وقضية فلسطين العادلة.
الدورة السياسية: تمجد صمود فلسطين وتشدد على رفض التطبيع
بدأت الدورة بتقرير سياسي شامل قدمه الأمين العام للحزب، عبد الإله ابن كيران، الذي أشاد بما وصفه بالصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي، مؤكداً أن الحزب يقف بقوة إلى جانب المقاومة الفلسطينية ويعتبر دعمها “حقاً وواجباً شرعياً تكفله جميع الشرائع السماوية”. كما أشار إلى أن معركة “طوفان الأقصى” قد فضحت الوحشية الإسرائيلية وأظهرت انتهاكات هذا الكيان الذي أصبح قادته وجنوده مطلوبين كمجرمي حرب أمام المحاكم الدولية.
وأعرب المجلس الوطني عن فخره بالفعاليات التضامنية الشعبية في المغرب، التي اعتبرت الساحة المغربية من أكبر الساحات الداعمة للقضية الفلسطينية، مجدداً رفضه القاطع لكل أشكال التطبيع مع إسرائيل. كما دعا الحزب إلى إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط وطرد ممثليه، معتبرًا ذلك موقفًا ثابتًا وضروريًا لحماية النسيج الوطني ضد اختراقات هذا الكيان.
مواقف داعمة للعدالة في سوريا والمغرب
وتوقف المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية عند تطورات الأوضاع في سوريا، معبرًا عن تهنئته للشعب السوري على نجاح ثورته في استعادة حريته. كما استنكر المجلس الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، داعيًا الدول العربية والإسلامية إلى دعم وحدة سوريا وسلامة أراضيها.
في سياق آخر، عبر المجلس عن تقديره لنجاحات الدبلوماسية المغربية في قضية الصحراء الغربية، مشيدًا باعتراف فرنسا بمغربية الصحراء وسحب دول أخرى اعترافها بـ”الجمهورية الوهمية”. كما جدد الدعوة إلى تعزيز التعاون بين المغرب والجزائر خدمة للمصالح المشتركة لشعوب المنطقة.
إصلاحات داخلية: نقد أداء الحكومة والدعوة إلى مراجعات اجتماعية
من جهة أخرى، وجه المجلس الوطني انتقادات حادة للحكومة المغربية، متهماً إياها بالفشل في معالجة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، ولا سيما ارتفاع نسبة البطالة وغلاء الأسعار. كما أشار إلى تفشي المحسوبية واستغلال النفوذ في تعيينات المناصب العليا، وهو ما يعكس “ضعفًا كبيرًا في تدبير الشأن العام”. ودعا الحزب إلى ضرورة إصلاح شامل للمنظومة الانتخابية لضمان انتخابات حرة ونزيهة، بعيدًا عن المال السياسي والإفساد الانتخابي.
فيما يتعلق بالمراجعات القانونية، دعا الحزب إلى مراجعة شاملة لمدونة الأسرة، مطالبًا أن يتم التعديل بما يحترم الثوابت الدينية والوطنية للمجتمع المغربي. كما أبدى المجلس الوطني مخاوفه من بعض المقترحات المتعلقة بحقوق النساء في الزواج والطلاق، مؤكدًا على أهمية الحفاظ على استقرار الأسرة باعتبارها “مؤسسة دينية وأخلاقية أساسية”.
تضامن مع الصحافيين وحامي الدين
في ختام البيان، أعرب الحزب عن تقديره لقرار العفو الملكي عن مجموعة من الصحافيين والمدونين، داعيًا إلى تطبيق المزيد من ممارسات العفو في ملفات أخرى لتعزيز المصالحة الوطنية.
كما جدد المجلس الوطني تضامنه الكامل مع عبد العلي حامي الدين، عضو الحزب، مؤكدًا دعمه الكامل له حتى إغلاق ملفه بشكل نهائي. وشدد على أن “العدالة يجب أن تكون حامية لاستقرار الحكم واستقلالية القضاء”.
الاستعداد للمؤتمر الوطني التاسع
أشاد المجلس بالجهود التنظيمية المتواصلة في صفوف الحزب، حيث أكد على ضرورة تعزيز الدينامية الحزبية استعدادًا للمؤتمر الوطني التاسع للحزب الذي يطمح إلى تجديد الخطاب السياسي وتوسيع نطاق مشاركته في الحياة السياسية المغربية.
مع ختام الدورة، يبقى حزب العدالة والتنمية في قلب المشهد السياسي المغربي، متابعًا بإصرار التحديات التي تواجه الوطن، ومستمرًا في تعزيز مواقفه الثابتة على صعيدي الداخل والخارج.