الأحد, يناير 19, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيمن سيحكم غزة بعد العدوان الإسرائيلي المدمّر؟

من سيحكم غزة بعد العدوان الإسرائيلي المدمّر؟


الدار/تحليل

يظل سؤال اليوم التالي أكثر الأسئلة إثارة للفضول والاهتمام بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، ودخوله حيز التنفيذ ابتداء من يوم غد. فبعد أكثر من 15 شهرا من العدوان الغاشم والمدمر الذي هدم مدينة غزة على رؤوس ساكنتها، وأدى إلى استشهاد وجرح عشرات الآلاف من الفلسطينيين، يعود هذا السؤال بقوة ولا سيّما أن الاتفاق المذكور مقسّم إلى مراحل يتخللها المزيد من جلسات التفاوض حول العديد من القضايا التي لا تزال عالقة. وفي هذا السياق تتناسل السيناريوهات المحتملة حول طبيعة السلطة التي ستتحمل مسؤولية إدارة القطاع، بما في ذلك تلك الفرضيات الدعائية التي يروجها الطرفان دون تحقّق من استنادها إلى خطط رسمية.
من الواضح أولا أن العدوان انتهى دون أن تتمكن إسرائيل من القضاء على حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية، وأن هذه الحركات التي قاتلت حتى اليوم الأخير، ما تزال تحتفظ بقوتها وسلاحها، واستعدادها لمواصلة الحرب. بل إن إسرائيل تفاوضت إلى حدود اليومين الأخيرين مع وفد حركة حماس في الدوحة قبل التوصل إلى اتفاق. وفي الأسبوع الماضي أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن هذه الحقيقة عندما أكد أن حماس استطاعت أن تجدد قدراتها وتجند مقاتلين بأعداد تعادل أولئك الذين فقدتهم خلال هذه الفترة الطويلة من الحرب. وهذا يعني أن حماس بالنسبة إلى إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية واقع لا يرتفع في قطاع غزة ولا يمكن القضاء عليها، مثلما كان يعد بذلك رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خلال الحرب.
بعبارة أوضح، إن فشل إسرائيل في القضاء على حركة حماس يعطي للحركة اليوم شرعية ونفوذا أكبر في قطاع غزة، وارتباطا أكبر بفكرة المقاومة والنضال من أجل الحقوق الفلسطينية على الرغم من كل الانتقادات التي يمكن أن تتعرض إليها بسبب خيار تنفيذ طوفان الأقصى. لكن ما هي الخيارات البديلة لسيطرة حماس على قطاع غزة؟ من المؤكد أن الخيار الأول هو تحمل السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس أبو مازن قيادة اليوم التالي في القطاع، وإدارة فترة تنفيذ وقف إطلاق النار، وإعادة الإعمار وتضميد جراح المصابين وتخفيف المعاناة الإنسانية. وفي هذا السياق ذكرت تقارير إعلامية أن رئيس السلطة الفلسطينية عباس أبو مازن تقدّم فعلا بوثيقة من أربع صفحات لمصر وإسرائيل والولايات المتحدة، وتتضمن مقترحا لكيفية إدارة قطاع غزة وضمّه إلى نفوذ السلطة الفلسطينية.
استعداد السلطة الفلسطينية التي تسيطر على الضفة الغربية لضمّ قطاع غزة إلى نفوذها ليس أمرا جديدا، بل كان متوقعا جدا. وقد ذهب محللون كُثر إلى اعتبار صمت السلطة الفلسطينية تّجاه الحرب التي كان موجهة ضد القطاع، بدلا من إسناد المقاومة، إعلانا رسميا عن جاهزية السلطة لتحمّل مسؤولية إدارة القطاع بعد القضاء على حركة حماس وفصائل المقاومة. لكن النية وحدها لا تكفي، فحماس التي خرجت من هذه الحرب بخطاب النصر والصمود، قادرة على تثبيت نفوذها في قطاع غزة، وتعزيز سيطرتها على مفاصل الحياة الاجتماعية والاقتصادية في هذه المدينة المنكوبة، وهي تدرك أن تخلّيها عن هذا النفوذ قد يعني نهاية مبررات وجودها، ولا سيّما أن الغضب الشعبي المكبوت في قطاع غزة قد لا يكون في صالحها.
هذا يعني أن السيطرة على قطاع غزة ليست مسألة مضمونة للطرفين معا. فالسلطة الفلسطينية تواجه تهم التواطؤ بسبب عدم إسنادها لجبهة المقاومة طوال مرحلة العدوان، بينما تواجه حماس أيضا فترة عصيبة سيتعين عليها تقديم الحساب للشعب الغزّي الذي ذاق الويلات بسبب قرار الحرب. هذا الوضع الغامض حول مستقبل قطاع غزة قد يكون من جهة أخرى رغبة أميركية وإسرائيلية مبيّتة. فحكومة نتنياهو المتطرفة تدرك أنّ سيطرة السلطة الفلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزة في الوقت نفسه سيمنحها قوة سياسية أكبر، وستجد إسرائيل نفسها في مواجهة المقاومة السياسية المطالبة بحق الفلسطينيين في الحصول على دولة مستقلة.
وفي هذا السياق يبدو أن المصلحة الوطنية تفرض من جديد ضرورة توحيد الصف الفلسطيني في وجه مخططات التقسيم واستمرار الشرخ القائم بين الفصائل الفلسطينية. ولعلّ هذا الخيار يكون قادرا على تعزيز زخم النضال الفلسطيني بمرحلة جديدة قوامها الوحدة والتآزر وتنسيق المواقف والمطالب، لوضع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية أمام مسؤولياتهما التاريخية، وإشراك المنتظم الدولي في مسلسل التسوية النهائية. وفي هذا السياق تظهر أهمية إعلان بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية الذي تم توقيعه في 23 يوليوز 2024 بين 14 فصيلا فلسطينيا مختلفا، بما في ذلك حركة فتح وحركة حماس.





Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات