في خطوة جديدة تؤكد التزام الدار البيضاء بتحسين مشهدها الحضري ومكافحة الفوضى العشوائية، أطلقت السلطات المحلية في عين الشق مؤخراً حملة واسعة تهدف إلى تحرير الملك العمومي.
فقد قامت السلطات بهدم أجزاء من “كلسات” بيع مواد البناء بمنطقة عين الشق، ضمن مسعى للقضاء على مظاهر الاحتلال غير القانوني للفضاءات العامة، التي طالما كانت مصدر إزعاج للسكان ومرتادي المنطقة.
الحملة تأتي استجابة لتوجيهات صارمة أصدرها والي جهة الدار البيضاء-سطات، محمد امهيدية، الذي شدد على ضرورة إنهاء مظاهر الفوضى واستغلال الملك العمومي بشكل غير قانوني.
وتشمل هذه التوجيهات مختلف أشكال الاحتلال، سواء من قبل المحلات التجارية أو المقاهي أو الأنشطة غير المرخصة، ضمن خطة شاملة لإعادة هيكلة وتنظيم المدينة.
شارع الخليل، الذي يمثل أحد المحاور الرئيسية بمنطقة عين الشق، كان مسرحاً لتحركات مكثفة من قبل السلطات، حيث شهد إزالة التعديات التي أثرت على الحركة المرورية وأضرت بجمالية الشارع.
هذه الخطوة تأتي كجزء من رؤية طموحة تستهدف تحويل الدار البيضاء إلى مدينة نموذجية قادرة على استقبال فعاليات رياضية كبرى، مثل كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، مما يتطلب تحسين البنية التحتية وضمان نظام حضري حديث.
ومع هدم “كلسات” مواد البناء، تسعى السلطات إلى إيجاد حلول مستدامة للتجار المتضررين من هذه العملية.
وأوضحت مصادر محلية أن مقاطعة عين الشق تعمل على تخصيص مساحة بديلة يتم ترحيل هؤلاء التجار إليها، بما يضمن استمرار أعمالهم التجارية ضمن إطار منظم وقانوني، ويحد من أي أضرار قد تطال معيشة الأسر المعتمدة على هذا النشاط.
ورغم أن العملية تركز حالياً على شارع الخليل، إلا أن توجه السلطات يمتد ليشمل جميع أحياء الدار البيضاء، حيث تتصدى لمظاهر الفوضى العشوائية بشكل متسارع.
فاستعادة النظام والجمالية للمدينة باتا من الأولويات، وهو ما أشاد به عدد كبير من المواطنين الذين أعربوا عن دعمهم لهذه الجهود، معتبرين أن هذه الخطوات تمثل بارقة أمل في تحسين جودة الحياة اليومية.
على الصعيد التنموي، تعيش الدار البيضاء مرحلة مفصلية، إذ تشهد مشاريع عمرانية كبرى تهدف إلى تعزيز مكانتها الاقتصادية والاجتماعية.
وبينما تبدو التحديات قائمة في مواجهة مظاهر الفوضى، فإن تصميم المدينة على مواجهة هذه العقبات يعكس رؤية واضحة تهدف إلى المضي قدماً نحو المستقبل.
من المتوقع أن تشهد الدار البيضاء في الفترة المقبلة تحركات واسعة تهدف إلى استكمال إزالة المستودعات العشوائية لبيع مواد البناء التي انتشرت في عدد من مناطق العاصمة الاقتصادية.
وتستعد الجهات المنتخبة لشن حملة جديدة ستكون محط الأنظار، خاصة مع التحديات المرتبطة بإعادة تنظيم هذه الفضاءات وإيجاد حلول بديلة للتجار المتضررين.
هذه الخطوة المرتقبة تحمل في طياتها وعداً بمشهد حضري أكثر ترتيباً ونظاماً، ما يعزز من مكانة المدينة كواجهة تنموية حديثة ويجعلها على أتم الاستعداد لاستقبال المناسبات الدولية الكبرى المنتظرة.
وتأتي الخطوات الحالية، امتداداً لحملات أطلقتها وزارة الداخلية في مدن أخرى، والتي استهدفت “الكلسات” العشوائية التي تمثل مصدراً لتغذية البناء غير القانوني.
وتعمل هذه الحملات على تفكيك الشبكات التي تدعم البناء خارج النطاق الحضري، وهو ما يشكل تهديداً للاستدامة العمرانية ويعزز مظاهر التمدد العشوائي.
رغم كل الجهود المبذولة، يبقى التحدي الأكبر متمثلاً في ضمان استمرارية هذه الإصلاحات وتعاون كافة الأطراف المعنية، بما فيها السلطات المحلية، السكان، والتجار.
فالتوازن بين تحقيق التنمية والحفاظ على مصالح المجتمع المحلي يعد مفتاح النجاح لهذه المبادرات، التي تهدف إلى تحويل الدار البيضاء إلى نموذج يحتذى به في مجال التنمية الحضرية المستدامة.