قال عبد الإله السيبة، المستشار عن فريق الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، اليوم الخميس، إن فريقه أحجم عن الخوض في النقاش المسطري الذي عرفته هذه اللجنة حول مشروع قانون الإضراب حرصا على “الاستماع لجميع الآراء و المواقف على قاعدة احترام الجميع”.
واستغرب مستشار الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، خلال المناقشة لمشروع القانون بمجلس المستشارين، “محاولة البعض تعطيل النقاش هنا ونقله الى أمكنة أخرى، ذلك أن البرلمان هو الفضاء الطبيعي لطرح ومناقشة القضايا الكبرى التي تشغل بال الأمة”، مشددا على أن “أي محاولة لفرملة النقاش هنا ونقله إلى فضاءات أخرى أي كانت هي اعتداء صريح على الدستور الذي صوتنا عليه جميعا بالإجماع، والذي منح مجلس المستشارين اختصاصات أساس في نظامنا الدستوري و السياسي”.
وشدد السيبة على أن “منهجية دراسة النصوص القانونية ليست بحاجة الى اجتهادات شخصية، لأن الدستور حددها والنظام الداخلي لمجلس المستشارين يوضحها بشكل دقيق، وكما هو معلوم لا اجتهاد مع ورود النص”.
وتابع “لقد كافح الشعب المغربي طويلا من أجل إقامة دولة المؤسسات، والدستور المغربي بوأ البرلمان مكانة بارزة في مناقشة القوانين وممارسة حق تعديلها، وليس من المعقول تعطيل النقاش حول هذا المشروع أو حرمان البرلمان من مناقشة مشروع قانون تنظيمي هو جزء من الكتلة الدستورية، سيما أن الدستور خص مشاريع القوانين التنظيمية بمسطرة خاصة”.
وأورد أن مشروع هذا القانون على خلاف القوانين التنظيمية، “بقي حبيس ردهات لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب بفعل المقاربة الأحادية الزجرية التراجعية التي حكمت صياغته وإحالته على مجلس النواب في أواخر الولاية التشريعية (2016-2011)، وبسبب تعثر الحوار الاجتماعي خلال المرحلة الممتدة ما بين (2021-2012)، واليوم ها نحن نستمر في قطف ثمار مأسسة الحوار الاجتماعي”.
وأكد السيبة باسم الاتحاد العام للشغالين بالمغرب؛ “هذا التنظيم النقابي العريق سليل الحركة الوطنية المغربية وإبنها الشرعي، أن بوصلتنا كانت وستظل هي الانتصار أولا وقبل كل شيء للشغيلة المغربية، لآلامها وآمالها وطموحاتها، لسنا نقابة ذيلية، ومن يروج عنا تلك الآراجيف لا يعرفنا ولا يعرف تاريخنا، إن انتماءنا أولا للشغيلة المغربية، ودفاعنا كان وسيظل عن المصالح العليا للأمة المغربية ولثوابتها الجامعة”.
وقال السيبة “إننا اليوم إزاء لحظة تاريخية بكل ما يحمله التاريخ من عمق، ومن دروس، ومن عبر، ومن إستحضار للذاكرة الوطنية ولكفاح الشعب المغربي وقواه الوطنية دفاعا عن الحرية والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية”.
وأبرز أن هذا المشروع بعدما “ظل راكدا منذ 2016، هاهو يسلك طريقه نحو الجريدة الرسمية، وهو طريق لم يكن على كل حال سالكا، ولكن بفضل إيمان الحكومة بالحوار وحرصها غداة تشكيلها على مأسسته، وإخراجه من الجمود الذي عرفه في السنوات ا لخيرة، هاهو يتحرك، بعد إعادة الصياغة الشاملة له شكلا ومضمونا التي عرفها في مجلس النواب”.
وأورد أن التعديلات “أعطت رسالة واضحة عن أن الدفاع عن حق ممارسة الإضراب قناعة جماعية، لا يمكن إحتكارها أو رسملتها لصالح طائفة، أو حزب، أو جبهة، أو نقابة بعينها، بل هي قناعة جماعية ومعركة جماعية”.
وشدد السيبة على النأي عن “المزايدات، وعن اللمز والهمز”، مضيفا إن “المصداقية عقيدة بالنسبة لنا، لا يوازيها إلا حرصنا على الوضوح وعدم إزدواجية الخطاب، ومواقفنا ليست نابعة من موالاة الأحزاب التي تشكل الأغلبية”، مسترسلا “بل إن المحدد الأول والأخير لمواقفنا هو ما نحمله للشغيلة المغربية من أجوبة على مطالبها العادلة والمشروعة”.
واعتبر أن هذه المكتسبات المستحقة للشغيلة المغربية “تدفعنا إلى التفاؤل بأن المزيد من المكتسبات آتية لا ريب في ذلك”، متابعا “لن نكشف سرا إذا قلنا أننا شاركنا عبر حوار جدي ومسؤول وصادق مع الحكومة في إعادة هيكلة وبناء وصياغة هذا المشروع”، معربا عن تحية الفريق للوزير السكوري “على صبره وعمله وجديته، وقبل كل ذلك على النفس الإيجابي الذي اشتغل به معنا”.
وأورد أنه “عبر ثمانية عشر شهرا من الحوار الصبور والهادئ تمكنا من التوافق على جزء كبير من مضامين المشروع، وما التعديلات العميقة والجوهرية التي دخلت عليه بمجلس النواب إلا ثمرة لذلك الحوار”.
هذا وأعرب عن الاستعداد “لمناقشة باقي المشاريع التي تضمنها الاتفاق الاجتماعي، وفي مقدمتها قانون النقابات الذي ندعو الحكومة إلى الإسراع بإحالته على البرلمان بنفس الروح التوافقية التي ميزت عملها حول مشروع قانون ا الإضراب، لأننا نود أن يتوقف سيل الاستهداف المجاني للعمل النقابي”، مشددا “نعم نحن مع التقنين، ولا يخيفنا العمل في ظل القانون، وعلى أتم ا الاستعداد لملاءمة قوانين وهيأكل نقابتنا مع مضامين القانون حال المصادقة عليه”.
وأجاب السيبة “الذين لم يتوقفوا عن التساؤل بسوء نية لماذا الآن وقع الانفراج حول هذا المشروع؟ وليس خلال العشر سنوات المعلومة، ونحن في الاتحاد العام للشغالين بالمغرب نملك الشجاعة والوضوح اللازمين للقطع مع الغموض، يتعلق الأمر بجو إجتماعي عام، تم فيه الانتقال على عهد هذه الحكومة من إعتبار النقابات خصما بل وأ حيانا خطرا وجوديا على البعض، إلى إعتبارها شريكا موثوقا فيه”.