اختلالات كثيرة طالت معايير الدعم المباشر والأموال المرصودة بهدف التضامن. وأظهرت تقارير مؤسسة الوسيط ثغرات ثبت أن تٌقصي الفئات المستحقة دون مبررات واضحة. وبموجب ذلك، حرم الكثير من المواطنين من التغطية الصحية، مما يثير تساؤلات حول تحقيق الأمن الصحي للفقراء والفئات الهشة، الأمر الذي يفرض مراجعة هذه المعايير لتحقيق العدالة.
البرلمان يدخل على الخط
بعضا من هذه الاختلالات أعاد إثارتها النائب البرلماني رشيد حموني، منبها وزير الصحة والحماية الاجتماعية من خلال مراسلة كتابية إلى ضرورة الاسراع في معالجة هذه الاختلالات.
وجاء ذلك بعد أن أبرز التقرير السنوي لمؤسسة الوسيط، لسنة 2023، وجود ثغرات خطيرة في المعايير المُعتمدة لتحديد الفئات المستفيدة من برامج الدعم الاجتماعي المباشر.
التقرير المذكور نبه إلى أن معايير الدعم الاجتماعي لا تأخذ بعين الاعتبار الوضع الاجتماعي الحقيقي للكثير من المواطنين الذين يعانون من الفقر والهشاشة.
وأوضح حموني أن التقرير أشار بوضوح إلى أن المعايير والمؤشرات المُعتمدة لا تلتزم بالموضوعية والعدالة، بل تعمل في أغلب الأحيان على استبعاد عدد كبير من الفئات المستحقة للدعم دون مبررات مقنعة، وهو ما يستدعي، بحسبه، إعادة تقييم هذه العتبات والمعايير لضمان استهداف الدعم بشكل فعال وعادل في ظل التغيرات المستمرة التي تطال الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأفراد.
وأضاف البرلماني أن التقرير أظهر كذلك إشكالاً آخر يتمثل في نظام التغطية الصحية المرتبط بالدعم المباشر، حيث أن ثبوت الاستفادة من الدعم يُؤدي بشكل آلي إلى حرمان المستفيد من التغطية الصحية إلا بعد أداء واجب الاشتراك الشهري في نظام التأمين الإجباري عن المرض. وهو ما يثير تساؤلات حول مدى قدرة هذا النظام على تحقيق الأمن الصحي الحقيقي للمستفيدين من الفئات الهشة والفقيرة.
وشدد حموني على أن التجربة أثبتت أن المواطن المستفيد من الدعم المباشر غالباً ما يضطر إلى تحمل الأعباء المالية الشهرية المحددة لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لضمان استمرارية الاستفادة من التغطية الصحية، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى تحقيق الدعم للأمن الصحي الفعلي.
وتساءل النائب البرلماني عن التدابير التي تعتزم الوزارة اتخاذها من أجل مراجعة وتقييم عتبات ومؤشرات الدعم المباشر وأموال التضامن، داعياً إلى ضرورة توحيد شروط الاستفادة وضمان استفادة مزدوجة للفئات الفقيرة والهشة التي تستحق هذا الدعم.
وأكد تقرير الوسيط إلى أن الحكومة أصبحت مطالبة بشكل ملح القيام بإصلاحات جوهرية تضمن تكافؤ الفرص وتحقق الغايات الإنسانية والاجتماعية من برامج الدعم.
معطيات وأرقام
وأفاد تقرير مؤسسة الوسيط لسنة 2023 أن أكثر من 3 مليون أسرة استفادت من الدعم المباشر عبر برامج الدعم الاجتماعي، مثل الدعم النقدي المباشر وأموال التضامن، إلا أنه تأكد أن 40% من الأسر المؤهلة للحصول على الدعم الاجتماعي المباشر لم تتمكن من الاستفادة بسبب المعايير غير الواضحة والتي تفتقر إلى العدالة والموضوعية.
الأكثر من ذلك، أكد التقرير أن ثبوت الاستفادة من الدعم المباشر يؤدي إلى فرض واجب الاشتراك الشهري على المستفيدين في نظام التأمين الصحي، ما يُرهق الأسر الفقيرة التي تعجز عن تلبية هذه التكاليف.
وأوضح المصدر أن 25% من المستفيدين من الدعم المباشر لا يستطيعون الوصول إلى التغطية الصحية إلا بعد دفع تكاليف التأمين الإجباري، وهو ما لا يتأتي لفئة كبيرة بسبب ظروفها الاجتماعية الصعبة جدا، فضلا عن الإجراءات الادارية والمسطرية المرهقة والمعقدة أحيانا.