الخميس, يناير 16, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيحياة الكابرانات: سيارات وإقامات فاخرة على حساب الشعب الجزائري

حياة الكابرانات: سيارات وإقامات فاخرة على حساب الشعب الجزائري


الدار/تحليل

المعطيات التي كشفها المؤثر الجزائري أمير ديزاد حول أسطول السيارات الدبلوماسية التابعة للسفارة الجزائرية في باريس تؤكد أن حياة الكابرانات زاخرة بالترف والرفاهية على حساب أموال الشعب الجزائري ومقدّراته. عشرات السيارات الفارهة التي وثّقها الناشط الجزائري بالصورة في فيديو نشره على حسابه الشخصي في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تُظهر إلى أيّ حد يستغل جنرالات العصابة العسكرية في الجزائر خيرات المواطنين البسطاء لضمان مستوى عال من الترف والبذخ لأسرهم وأبنائهم الوافدين على فرنسا، بينما يقف الجزائري المسكين في الطابور ساعات طويلة للحصول على كيس دقيق أو قنينة غاز في بلاد تصدر الغاز والنفط.
يكشف أمير ديزاد أن هذا العدد الهائل من السيارات الدبلوماسية يوضع باستمرار “رهن إشارة بعض المسؤولين الجزائريين وأفراد أسرهم وعائلاتهم وأصدقائهم وصديقاتهم عندما يزورون باريس في عطل نهاية الأسبوع للتسوق أو التنزه حيث يجدون هذه السيارات في انتظارهم بمطارات باريس”. كما يوضع بعض السيارات الدبلوماسية أيضا رهن إشارة أبناء الجنرالات خلال تنقلهم داخل باريس إلى مدارسهم وجامعاتهم التي يدرسون بها. والعملية الحسابية التي أجراها المؤثر الجزائري تكشف أن هذه السيارات الموجودة في باريس وحدها تستنزف مبالغ مالية خيالية بدء برواتب السائقين مرورا بالوقود وصولا إلى التأمينات، وهي كلها أموال يخصصها الكابرانات لضمان راحة ورفاهية أقاربهم وعائلاتهم.
وما تحدّث عنه يتعلق فقط بسفارة الجزائر في باريس، وقِس على ذلك كل السفارات الجزائرية في معظم العواصم الأوروبية الكبرى. قصة السيارات الدبلوماسية ليست سوى الشجرة التي تخفي غابة النهب والاختلاس والهدر الذي تتعرّض إليه ثروات الجزائريين على يد الجنرالات. لقد سبق لمسؤول أمني كبير في فترة العشرية السوداء أن كشف وجود عشرات الحسابات البنكية في سويسرا وفرنسا باسم مسؤولين جزائريين كبار، استطاعوا تهريب مليارات الدولارات إلى الخارج ووضعها بأسمائهم وأسماء معارفهم وأقربائهم. وتتواصل هذه الممارسات منذ زمن طويل حيث تعرّضت ثروات الجزائريين إلى التبديد والاختلاس وانعكس ذلك انعكاسا مباشرا على مستوى التنمية والتطوير الاقتصادي في البلاد الغنية بالمحروقات والمعادن.
لقد لخص الرئيس الجزائري نفسه هذه النتيجة في خطابه الأخير عندما اتهم فرنسا قائلا: “لم تترك لنا سوى الخراب”، ولسان حاله يقصد في الواقع وصف حالة البلاد في الوقت الراهن. فشلٌ على مستوى الاقتصاد إذ تفتقد إلى بنية بنكية قوية وقوانين مشجعة على الاستثمار. وفشل على مستوى الخدمات الاجتماعية إذ تعاني المستشفيات من نقص فادح في المعدات والموارد البشرية، بينما تتخبّط المنظومة التعليمية في الكثير من مظاهر التخلف والتعثر. وفشل على مستوى البنيات التحتية إذ ما تزال البلاد تعتمد أساسا على شبكة السكك الحديدية التي خلّفها الاستعمار الفرنسي، بينما فشل النظام العسكري في بناء الموانئ والمطارات القادرة على خلق دينامية اقتصادية وسياحية.
التفسير الأول والأخير لهذا الفشل الذريع على كافة الأصعدة هو هذا الفساد المتفشي في أوساط العصابة العسكرية. إنه فساد بنيوي متجذر وقائم بالأساس على استباحة المال العام واعتباره غنيمة تتقاسمها دائرة ضيقة من أصحاب القرار والسلطة الذين يدينون بالولاء للقيادة العسكرية وينفذون أجنداتها داخل البلاد وخارجها. وفي ظل استمرار منطق اقتصاد الريع الذي يسيطر على مفاصل الدولة فإن ممارسات من هذا النوع الذي ينتقده أمير ديزاد تظل أمرا طبيعيا مرشحا للتفاقم ما دام التحالف القائم بين الفساد والاستبداد يسيطر على المشهد السياسي في الجزائر، وما دام هذا النظام قادرا على ممارسة سياساته القمعية لكبت أصوات النشطاء أو تهجيرهم إلى خارج البلاد.





Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات