الأربعاء, يناير 15, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيعبد الرفيع حمضي يكتب: ترامب الثاني … وفرس (كاليغولا) الأسطوري

عبد الرفيع حمضي يكتب: ترامب الثاني … وفرس (كاليغولا) الأسطوري


جرت العادة أن إعادة الانتخاب لولاية ثانية تُعتبر تحديًا للشخص المُنتخب وحده، فهو يسعى إلى تأكيد أحقيته وجدارته ويفتخر بتجديد الثقة فيه و في حصيلته. أما بالنسبة للرأي العام، فالأمر يكون عادة باهتًا وتحصيل حاصل.

إلا أن عودة الجمهوري دونالد ترامب “فاتحًا” إلى البيت الأبيض لولاية أخرى، باعتباره الرئيس السابع والأربعين، لها طعم خاص. فشخصية الرجل تثير الجدل في صمته وفي كلامه، في أفعاله وردود أفعاله. وأيضًا لأن عودته بعد جو بايدن لم تكن عملية سياسية سلسة، بل معركة استُعملت فيها كل “أسلحة الدمار الشامل” من قضاء وإعلام وسلاح. كما أن هذه العودة لم تعرفها أمريكا إلا مرة واحدة مع الرئيس الديمقراطي غروفر كليفلاند سنة 1893، طوال تاريخ رئاسياتها الممتد لـ230 سنة.
وما أعتقد أن رئيسًا قبله شغل الرأي العام الدولي بتصريحاته وتوجساته بعد فوزه يوم 5 نونبر 2024، وقبل تسلمه مهامه يوم 20 يناير 2025، لمدة ستة وسبعين يومًا. وكأن العالم بعد هذا التاريخ سيعرف ولادة جديدة يؤطّرها موقف ترامب الثابت والقاضي بضرورة إعادة النظر في النظام العالمي برمته، سواء على المستوى الجيوسياسي أو الاقتصادي. في الوقت الذي لم يتجاوز طموح بوتين الحلم بنظام أوروبي جديد فقط، وهو ما يبرر حربه على أوكرانيا. أما الرئيس الصيني شي جين بينغ فكل أمله هو إعادة ترتيب الفضاء الآسيوي لوحده بعيدًا عن الوجود الأمريكي. وهؤلاء الزعماء الثلاثة تسميهم الخبيرة الفرنسية في السياسة الدولية نيكول غنيسوتو بـ (المراجعين) les révisionnistes
ترامب، الذي كانت معركته في ولايته الأولى هي التشكيك في فعالية التعاون الدولي المتعدد الأطراف الذي تشرف عليه الأمم المتحدة منذ 1945، انسحب من عدد من الاتفاقيات والديناميات الدولية من بيئة وهجرة ونووي، ودعا إلى إغلاق وحل بعض وكالات الأمم المتحدة كمنظمة الصحة العالمية. أما في ولايته الثانية، فيبدو أن حلفاءه التقليديين هم من يتلمسون الأرض تحت أقدامهم قبل خصومه.
فالاتحاد الأوروبي – الذي تسلمت بولندا رئاسته في الفاتح من يناير – يُؤاخذ عليه ترامب أنه لا يستورد بما يكفي من أمريكا، وهدده بمراجعة الرسوم الجمركية، مما سيخنق اقتصاد أروبا لا محالة . فأسرعت رئيسة المفوضية الاروبية فون دير لاين ، بالتصريح بأن على أوروبا أن تتزود بالنفط الصخري الأمريكي ،الذي ارتفع معدل إنتاجه اليومي إلى 8.6 مليون برميل يوميًا. في حين صرحت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، بأن على أوروبا أن تتسلح من السوق الأمريكية . أما فرنسا وألمانيا، اللتان تُعتبران عصب الاتحاد الأوروبي، فتغرقان الآن في وحل السياسة الداخلية. فاتحين المجال لليمين المتطرف لينشر حقده وبغضه في كل أروبا .أليست جيورجيا ميلوني رئيسة الوزراء الإيطالية هي مدللة ترامب وهي الوحيدة التي استقبلها الآن رغم محاولة الآخرين?
لم يستطع الاتحاد الأوروبي ككيان سياسي اتخاذ موقف من تهديد ترامب بإمكانية ضم كندا، وقناة بنما الاستراتيجية، وشراء جزيرة غرينلاند الدنماركية، مما يهدد السلم العالمي. وهنا يُطرح السؤال: أيهما الأكثر تهديدًا لأوروبا، ترامب أم بوتين وشي جين بينغ؟
أما في الشرق الأوسط، فقد شهدت الفترة بين يوم الاقتراع ويوم التنصيب تسارعًا للأحداث. سقط بشار الأسد، وتم تأديب حزب الله في جنوب لبنان، وأُخرجت إيران من المنطقة، ونُزع سلاح سوريا والعدوان الاسرائيلي على أهالي غزة سيتوقف بعدما شن الكيان الصهيوني حرب إبادة ذهب ضحيتها آلاف الشهداء، بينما سيعود الأسرى الإسرائيليون سالمين إلى عائلاتهم، وستقول حماس “لقد انتصرنا”.
وأتوقع أن سيناريو 20 يناير 1981 سيتكرر، حين أفرجت إيران عن رهائن السفارة الأمريكية – ثلاثة دبلوماسيين وستين مواطنًا أمريكيًا – بعد 444 يومًا من الاحتجاز، وذلك في يوم تنصيب الرئيس رونالد ريغان.
مما لا شك فيه ان حقوق الانسان ستكون الغائب الأكبر عن اجندة ترامب سيختزلها في الحريات الدينية التي سيعيدها لا محالة للواجهة ما عدا ذلك فان الرئيس المنتخب سيعمق حالة اللايقين التي يعيشها العالم، ما دام الرجل وإن بدا ليس رجل حرب بمعناها التقليدي، فإنه رجل مفاوضات وعقود تجارية. لكن التاريخ يُسجل أن كل المصائب الكبرى التي عرفها العالم كانت خلفيتها تجارية. فكم من إمبراطوريات عظيمة ارتكبت حماقات لا يقبلها العقل، كالإمبراطور الروماني كاليغولا الذي بلغ به الجنون حد تعيين فرسه قنصلًا عامًا (رئيسًا للوزراء).
في المقابل يبقى اليقين أن التاريخ سيعود إلى مساره، حتى وان انحرف عنه للحظات. كما أن الشعبوية التي يعيشها العالم الان هاهي قد بلغت ذروتها مع إعادة انتخاب ترامب للمرة الثانية .
أما الانتخابات المقبلة، فسيكون على الأمريكيين أن يعملوا بنصيحة سيد الدبلوماسية الدولية هنري كيسنجر، حين قال عن المرشح للرئاسة سنة 1968: “هذا الرجل – ريتشارد نيكسون – لا يصلح أن يصبح رئيسًا. فهو أكثر الناس خطرًا، فأمريكا تبحث عن قائد يوحدها، يمتلك إحساسًا بالأولويات الوطنية ويميز بين التحديات الدولية القائمة”.
مات نيكسون، وتوفي كيسنجر، وبقيت “ووترغيت” كأكبر فضيحة في تاريخ امريكا



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات