أصبح ملف الدعم الاجتماعي المباشر في المغرب محورًا لنقاش حاد في الأوساط السياسية والحقوقية، مع تصاعد الدعوات إلى مراجعة شاملة لنظامه.
وكشف تقرير مؤسسة وسيط المملكة مؤخرا، عن اختلالات عميقة في معايير الاستفادة، ما أثار جدلًا حول عدالة وشفافية هذه البرامج الموجهة لدعم الفئات الهشة.
هذه النقائص دفعت رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، إلى مطالبة كل من وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي ووزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، بالكشف عن التدابير المتخذة لمعالجة هذه الثغرات وضمان تحقيق الأهداف المرجوة من الدعم.
وأشار حموني في مراسلة كتابية إلى أن هذه المعايير تسببت في إقصاء عدد كبير من المستحقين دون مبررات واضحة، مما يفرض إعادة النظر في المؤشرات المعتمدة
. وأضاف أن الربط بين الدعم المباشر وإلزامية الاشتراك في التأمين الإجباري عن المرض يزيد من عبء الفئات الهشة بدلًا من تخفيفه، مطالبًا بإدماج التغطية الصحية المجانية ضمن برامج الدعم المباشر لضمان الأمن الصحي للفئات الأكثر ضعفًا.
بدوره لفت تقرير وسيط المملكة إلى أن النصوص القانونية المنظمة لهذه البرامج تفتقر إلى العدالة والمرونة، ما أدى إلى إقصاء مستحقين دون تفسيرات كافية.
كما أشار إلى بطء معالجة ملفات استرجاع المصاريف الصحية ورفض تعويض أدوية باهظة الثمن للأمراض المزمنة، وهو ما يزيد من معاناة المواطنين ويهدد الثقة في النظام الصحي.
من جهة أخرى، أثار التقرير مسألة التدخلات غير المبررة من قبل صناديق الاحتياط الاجتماعي في قرارات الأطباء المعالجين، معتبرًا أن هذه التدخلات تهدد العلاقة بين الطبيب والمريض وتضعف فعالية العلاج.
وطالب التقرير بمراجعة شاملة للنظام، تشمل تحديث قائمة الأدوية المعوض عنها وضمان سرعة معالجة الملفات الصحية.
على المستوى الحكومي، أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش مؤخرًا، في كلمته أمام أعضاء حزب التجمع الوطني للأحرار أن الحكومة ملتزمة بتحسين أوضاع الفئات الهشة، حيث خصصت 10 مليارات درهم لتوسيع التغطية الصحية، مع خطط لرفع ميزانية برامج الدعم الاجتماعي إلى 26.5 مليار درهم بحلول عام 2025.
وكشف أخنوش عن زيادات تدريجية في تعويضات الدعم الموجه للأسر الفقيرة، وخاصة الأرامل، بهدف تحسين مستوى معيشتهم.
رغم هذه الجهود، حذر والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري من الاعتماد المفرط على الدعم المباشر كسياسة دائمة.
وشدّد الجواهري، قبل أسابيع، خلال الاجتماع الفصلي لمجلس بنك المغرب، على ضرورة التركيز على حلول هيكلية تستهدف تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل مستدامة، مؤكدًا أن الدعم، وإن كان ضروريًا في أوقات الأزمات، لا ينبغي أن يتحول إلى عبء دائم على المالية العامة.
هذا الجدل يعكس التحديات التي تواجه المغرب في تحقيق توازن بين تقديم دعم اجتماعي فعال وضمان استدامة الموارد المالية.
ومع تصاعد مطالب المراجعة، يبقى التساؤل حول مدى قدرة الحكومة على صياغة سياسة اجتماعية تحقق الإنصاف وتعزز ثقة المواطنين في المستقبل.