مواصلا سعيه إلى الإنصاف راسل الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مذكرا إياها بما يحدث في الوظيفة العمومية من إخراج ومراجعات للأنظمة الأساسية ومراجعات للأجور الخاصة بالموظفين خارج أي تصور استراتيجي أو مقاربات ذات أسس مهنية وقانونية وتدبيرية وحقوقية واضحة المعالم.
وأوضح الاتحاد، ضمن مراسلته، أن سياسة الحكومة في هذا المجال تتسم بالتمييز والانتقائية غير المبررين، في تعارض تام مع دستور المملكة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي وقع أو انضم إليها المغرب والتي أقر دستور المملكة بسموها على التشريعات الوطنية. ولعل من أبرز المبادئ المرتبطة بالحقوق الشغلية التي يتم خرقها بشكل متواتر وهو مبدأ “الأجر المتساوي للعمل المتساوي” والأجر المتساوي للعمل ذي القيمة المتساوية”، مستحضرا الفقرة الثانية والفقرة الثالثة من المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي جاء فيها:
“لجميع الأفراد، دون أيّ تمييز، الحق في أجر متساوٍ على العمل المتساوي وكل فرد يعمل حق في مكافأة عادلة ومرضية”.
وعبرت الوثيقة ذاتها عن استغرابها من كون الحكومات المغربية المتعاقبة، خصوصا منذ سنة 2011، بالرغم من الترسانة الحقوقية الملزمة لها، تصر على نهج سياسة التمييز والانتقائية وخلق هوة أجرية ومهنية بين هيئات مهنية أو بين موظفي قطاعات وزارية لها نفس المهام وشروط التوظيف ونفس الكفاءات والمؤهلات المهنية ونفس بيئة العمل وظروف الاشتغال.
وأورد المصدر ذاته أن الأنظمة الأساسية للموظفين التي هي تنزيل للقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية والتي من المفترض أن تكون في انسجام تام معه، لا سيما مادته الخامسة التي تنص على أن الأنظمة الأساسية توضع بناء على مزاولة نفس المهام أو مهام مماثلة أو عند الاقتضاء على خصوصية بعض القطاعات، لا تخضع فيما يخص الأطر العاملة بالإدارة إلى هذا المنطق. فكثير من الهيئات تزاول نفس المهام وتتوفر على نفس الشواهد والمؤهلات تخلق لها أنظمة أساسية مختلفة تكرس التمييز في الأجر والترقيات والحوافز.
وأضافت المراسلة: “الأنظمة الأساسية التي تشكل خصوصية قطاعية لم تعد تقتصر على هذه الخصوصية؛ بل أصبحت تقتطع من الهيئات المشتركة بين الوزارات تحت وتوضع ضمن أنظمة أساسية خاصة، مما وضع فوارق أجرية ومهنية بين مكونات نفس الهيئة حسب انتمائها القطاعي، في إشارة من الحكومة إلى أنها تعتبر قطاعات “مهمة” وأخرى “أقل أهمية” دون أي سند قانوني.
كما أشار الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة إلى أن “الاختلالات المسجلة لا تنطبق فقط على مقاربة الأنظمة الأساسية والأجور؛ بل تنطبق أيضا على منظومة الترقي التي تختلف حسب كل نظام أساسي، بحيث هناك فئات تتمتع بمنظومة ترقي محفزة وسريعة ومتعددة الفرص والآليات وأخرى تتقلص فيها الفرص إلى مرة واحدة طوال الحياة المهنية التي قد تمتد إلى أربعين سنة.
وأكد المصدر عينه أن هيئة المتصرفين المشتركة بين الوزارات ومتصرفي وزارة الداخلية هي إحدى الهيئات ضحايا حالة العشوائية والتخبط والتمييز وفقدان البوصلة التي تعتري سياسة الأنظمة الأساسية، باسطا نموذجا صارخا لهذا الواقع الغريب، بعدما عمدت الحكومة إلى تقليص الأنظمة الأساسية عبر إدماج عدد منها ضمن نظام أساسي واحد؛ وعلى رأسها النظام الأساسي لهيئة المتصرفين الذي أدمج فيه 24 نظاما أساسيا دون أي منطق مهني بحيث جمعت ما لا يجتمع، قبل أن تباشر في سنة 2011 عملية التفتيت القطاعي.
وذكرت الوثيقة ذاتها أن الحكومة بعدما استنفدت شعار “الإصلاح الشمولي” عمدت حاليا إلى تبني جواب آخر تجاه مطالبنا، وهو كون هيئة المتصرفين استفادت من الزيادة العامة في الأجور على غرار باقي الفئات؛ وهو الجواب الذي لا مصداقية له ما دامت فئات وقطاعات تم الاستجابة لمطالبها الفئوية أو القطاعية الخاصة بالرغم من استفادتها من الزيادة العامة في الأجور وباقي الإجراءات التي همت عموم الموظفين.
وشدد الاتحاد سالف الذكر على أن منظومة الأجور بالوظيفة العمومية تكرس الحيف والتمييز، ملتمسا من رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان التدخل العاجل لدى الحكومة وبما تتيحه صلاحيات المؤسسة من أجل وقف سياسة التمييز غير المبرر داخل الوظيفة العمومية بشكل عام وإنصاف هيئة المتصرفين وكل الهيئات التي تتعرض للحيف والقهر المهني بشكل خاص.
The post المتصرفون يراسلون "مجلس بوعياش" appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.