إذا نجحت الثورة السورية كما يتصورها الشرع ومن معه فإن سوريا يمكن أن تعود إلى موقعها، موقعها ما قبل وصول عائلة الأسد الفرعونية إلى الحكم. ما يهمني أكثر في سوريا أن تستعيد دورها في العالم العربي، وأن تلحق بها مصر والعراق.
إدريس الكنبوري
تابعت المقابلات التي أجريت مع أحمد الشرع رئيس القيادة السورية الجديدة فوجدت شخصا مختلفا عن أنماط الحكام في العالم العربي.
شخص مثقف، حنكته التجربة طيلة أزيد من عشر سنوات من الكفاح والتخطيط الاستراتيجي والقتالي.
قريب من السوريين، يفهم الوضع السوري والإقليمي والدولي ويتعامل معه بحكمة، يعرف التكوين الطائفي والمذهبي السوري ويتصرف بهدوء، يعرف صعوبة الدمج بين الشعب السوري وبقايا النظام القديم من المتعاونين وهي أخطر صعوبة، ويعرف أيضا أين تنتهي الثورة وأين تبدأ الدولة وكيف يحصل الانتقال دون دماء.
إذا نجحت الثورة السورية كما يتصورها الشرع ومن معه فإن سوريا يمكن أن تعود إلى موقعها، موقعها ما قبل وصول عائلة الأسد الفرعونية إلى الحكم.
ما يهمني أكثر في سوريا أن تستعيد دورها في العالم العربي، وأن تلحق بها مصر والعراق.
لأننا خلال الثلاثين سنة الماضية نعاني من سيطرة أنظمة بلا تاريخ على مقاليد العرب، وهو ما جر على العالم العربي الخيبات والهزائم والمهانة.
استعادة هذه الدول لدورها سيكون تحولا جديدا ينقل العالم العربي من كتف إلى كتف.
هناك من غلاة المتحمسين من ينكر على النظام الجديد في سوريا إعلانه بأن الحرب مع إصرائيل ليست أولوية. هم يؤاخذونه على هذا الموقف ويرون من تم أنه صنيعة إصرائيلية أمريكية. لو كنت مكان أحمد الشرع لفعلت نفس الشيء تماما لأنه عين العقل. إن أغبى ثورة في العالم هي تلك التي ما إن تنجح في إسقاط نظام حتى تدخل حربا جديدة في اليوم التالي، الثوري الذي يفعل ذلك يستحق السجن.
الذين يريدون من النظام السوري أن يجعل أولويته هي حرب إصرائيل يريدونه أن يتحول إلى بيضه تتعرض للسحق على يد دول المنطقة، ويريدون اختطاف الثورة وإغراقها في الوحل. النظام السوري الجديد جاء في وضع إقليمي ودولي معقد، وجاء وهناك 21 دولة عربية صامتة على العدوان على الفلسطينيين أو شامتة، وأي نصف كلمة يمكن أن يقولها ضد إصرائيل سوف تتحول إلى مشنقة في عنقه تقضي عليه.
ليس مطلوبا من سوريا الجديدة الدخول في حرب مع إصرائيل، مطلوب منها فقط إنجاح الثورة وإرجاع الكرامة إلى السوريين ومحو ثقافة العار التي كرسها النظام الفرعوني وبدء تاريخ سوريا الحقيقي الذي مسحه الطغاة.
كان اليساريون والإسلاميون في الماضي يقولون بأن القضاء على إسرائيل يبدأ أولا من القضاء على الاستبداد في الداخل وتحرير الشعوب، سوريا قضت على الاستبداد وحررت شعبها، فلماذا الانقلاب على الفكرة؟.