الإثنين, يناير 13, 2025
Google search engine
الرئيسيةتعثر جلسات دراسة مقترحات القوانين .. بين "الخروقات" وسؤال الجدوى

تعثر جلسات دراسة مقترحات القوانين .. بين “الخروقات” وسؤال الجدوى



أثار “ضعف” عدد الجلسات التي عقدتها المؤسسة التشريعية لدراسة مقترحات القوانين، بما في ذلك المُقدمة من قبل المعارضة، انقساما بين باحثين في الشأن البرلماني والدستوري المغربي بشأن ما إذا كان “بإمكان إشكالية الجودة في المقترحات المُقدمة والتي يدفع بها أحيانا نواب منتمون إلى الأغلبية أن تُبرر رفض دراسة هذه المُقترحات، رغم أن الدستور قد حسم في فصله الـ82 بوجوب تخصيص يوم على الأقل كل شهر لتدارس هذه المبادرات التشريعية”.

هؤلاء الباحثون، وهم يتفاعلون مع “الغضب” الذي عبّر عنه الفريق الحركي بمجلس النواب أخيرا من “خرق” الحكومة لمقتضى الفصل المذكور “بتجاهلها عقد هذه الجلسات في وقت بلغ عدد المقترحات المقدمة 100 مقترح، والمواد 1000 مادة”، أيد بعضهم “وجود هذا الخرق الذي لا تبرره مسألة جودة المبادرات التشريعية المطروحة التي يبقى بعضها ضعيفا بالتأكيد”، مُبرزا أن “المسؤولية ملقاة على عاتق الحكومة والبرلمان لتجويدها”؛ فيما شدّد البعض الآخر على أن “المبادرات التشريعية المقترحة نسبة مُهمة منها ضعيفة الجودة، وتهم أحيانا مجالات هي من اختصاص السلطة التنظيمية”، مُعتبرا أن عدم انعقاد الجلسات المذكورة “لا يُمثل خرقا دستوريا، بما أن الأسبقية هي لمشاريع القوانين المقدمة من الحكومة؛ وهذه الأخيرة تكون أكثر شمولية غالبا من مقترحات القوانين المُقدمة”.

وبلغة الأرقام، فإن مجلس النواب لم يعقد، مُنذ بداية الولاية التشريعية الحالية، إلا ثلاث جلسات لدراسة مُقترحات القوانين، صادق عليها على 6 من هذه المبادرات التشريعية؛ فيما تم التصويت، في جلسة تشريعية عقدها المجلس في 24 دجنبر الماضي، بالرفض على مقترح قانون يقضي بتغيير المادتين 2 و4 من القانون رقم 83.17 المتعلق بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي.

خرق بلا مبررات

مريم أبليل، الباحثة في الشأن البرلماني، أوضحت أنه “لا يُمكن على العموم إنكار افتقار عدد من مقترحات القوانين المقدمة إلى الجودة بشكل كبير، موازاة مع ضعف العدد الإجمالي لهذه المبادرات أساسا”، مُبرزة أنه “مع ذلك لا يُمكن الحكم على كل مبادرات المعارضة كُتلة واحدة؛ لأن جودة النصوص القانونية المقترحة تختلف من فريق إلى آخر، ومن نص إلى ثان قدمهما الفريق ذاته، على أن هناك بالفعل مقترحات قوانين قوية للمعارضة”.

وسجلت أبليل، في تصريح لهسبريس، أن “حصيلة العمل التشريعي، خلال الفترة المنصرمة من الولاية التشريعية الحالية، تُبرز ضعف عدد مقترحات القوانين المصادق عليها وعدم التفاعل الكافي للحكومة مع التعديلات التي تتقدم بها فرق المعارضة على مشاريع القوانين. ولعل المصادقة على مشروع قانون الإضراب في اللجنة المختصة أكبر مثال حي على هذه المسألة”.

وشددت المتحدثة عينها على أن “امتناع الحكومة عن تخصيص يوم واحد على الأقل شهريا لدراسة مقترحات القوانين الخاصة بالمعارضة يمثل خرقا للدستور؛ لا يُبرره مدى جودة هذه المقترحات”، مُبرزة أنه “أساسا في الوقت الذي يتعين تدعيم البرلمان بأطر وكفاءات قادرة على تجويد المقترحات، فإن الحكومة بدورها مُطالبة بأن تبذل الدور ذاته بعد تلقيها هذه المبادرات التشريعية”.

“فمقترحات القوانين هي، في نهاية المطاف، ترجمة لمطالب يريد المواطنون أن تتم الاستجابة لها. إنها بمثابة نصوص تشريعية يحول من خلالها النواب هذه المطالب إلى نصوص تشريعية”، أضافت أبليل، التي ألحت على “ضرورة تجاوز العقبات التي تحول أمام تجويد هذه المبادرات من خلال الانفتاح وأطر الجامعات”.

وأوضحت المصرحة عينها أن “البرلمان بدوره مطالب بالانفتاح على المؤسسات الدستورية مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، من خلال طلب آرائها ومقترحاتها بشأن مقترحات القوانين المرفوعة”، مُستحضرة أن “هناك تجارب سابقة في هذا الشأن؛ لعل أبرزها مطالبة الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب السابق، الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بإبداء رأيها وملاحظاتها واقتراحاتها بشأن مقترح قانون القناة البرلمانية، وتم الاعتماد عليها بالفعل في صياغة المقترح”.

سُؤال الجدوى

يرى رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية و القانون الدستوري، أن “غالبية مقترحات القوانين تفتقر للجودة من حيث الصياغة والمضمون والفكرة المضمنة داخلها؛ فيما نسبة مهمة من هذه الغالبية تتعلق مقتضياتها بمجالات هي أساسا من اختصاص السلطة التنظيمية، أي يتعين أن تصدر نصوص تنظيمية بشأنها من قبل القطاعات الحكومية المعنية”، مُبرزا أنه “بعض الفرق الحزبية للأسف تقوم بتقديم مقترحات قوانين، فقط لتضخيم عدد المبادرات التشريعية التي طرحتها”.

وأوضح لزرق، في تصريح لهسبريس، أن “هذه الإشكالية تُثير التساؤلات حول ما إذا كانت بعض الفرق البرلمانية، سواء في المعارضة أو الأغلبية، ترى في ما متّعها به المُشرع من دعم لتوظيف الأطر والكفاءات ريعا سياسيا وحزيبيا؛ حيث يلاحظ أن المناصب داخلها تمنح للمقربين شخصيا من قيادات الحزب أو نواب الفريق المعني”، مُؤكدا أن “هؤلاء الأطر يكلفون الدولة ميزانية مهمة”.

وأبرز أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري أنه “من جهة أخرى فإن بعض المقترحات المقدمة أحيانا تكون تجزيئية وانتقائية لجوانب ضيقة من مواضيع شاملة تكون الحكومة تشتغل على مشاريع قوانين بشأنها”؛ لافتا إلى أن “الأسبقية هي، في نهاية المطاف، لمشاريع القوانين التي تأتي بها الحكومة”.

ولدى تشديد هسبريس على سؤال ما إذا “كان ضعف الجودة (إذا سلمنا به جدلا) يبرر عدم دراسة هذه المقترحات”، أصر لزرق على أن “امتناع الحكومة عن دراستها ليس خرقا للدستور، فالأخير لم يلزم عليها القبول على أن النظام الدستوري المغربي، بموجب العقلنة البرلمانية، أعطى كما سلف الأسبقية لمشاريع القوانين التي تصوغها السلطة التنفيذية”.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات