يعتبر النفط عنصرا استراتيجيا في معادلة التنمية الاقتصادية للعديد من الدول النامية، ومن بينها المغرب الذي يسعى جاهدا لتعزيز مكانته كلاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمية من خلال تكثيف عمليات الاستكشاف البحري رغم التحديات الجيولوجية التي تواجه.
وحسب ما أكده تقرير لجريدة “إل اكونوميستا” الإسبانية، فإن الصعوبات الجيولوجية تعيق جهود استكشاف النفط والغاز في المنطقة الواقعة بين المغرب وجزر الكناري، إذ أن التعقيدات الجيولوجية تقلل من فرص نجاح عمليات الحفر والاستخراج.
ووفقا لخورخي نافارو، نائب رئيس جمعية الجيولوجيين والجيوفيزيائيين الإسبان، فإن “نتائج عمليات البحث السابقة كانت مخيبة للآمال بشكل عام بسبب طبيعة الصخور المعقدة”، مما يجعل اكتشاف احتياطيات كبيرة في هذه المنطقة أمرا صعبا”.
وأوضح المصدر ذاته أن الأنباء المتداولة حول اكتشاف نفطي ضخم قبالة أكادير أثار جدلا واسعا عام 2022، ورغم التقديرات الأولية التي أشارت إلى وجود نحو 1.6 مليار برميل من النفط، إلا أن هذه الأرقام تبين أنها غير دقيقة وغير مبنية على أسس علمية متينة، خاصة وأن الشركة المسؤولة عن الدراسة لم تجر أي عمليات حفر أو تنقيب فعلية، مما يجعل هذه التقديرات مجرد توقعات أولية.
وفي هذا السياق، حذر الخبير نافارو من التسرع في الإعلان عن الاكتشافات النفطية قبل إجراء الدراسات والتحليلات اللازمة، مؤكدا أن “الحفر الاستكشافي هو المعيار الوحيد لتأكيد وجود النفط”.
وأشار المصدر ذاته إلى استمرار الأنشطة الاستكشافية في المغرب، من خلال قيام شركات مختلفة بما في ذلك إيني، وقطر للطاقة، والمكتب الوطني للكربوهيدرات والمعادن، بإجراء محاولات استكشاف جديدة في المنطقة، إلا أن النتائج، كما في حالة بئر Cinnamon-1 الذي تم حفره في دجنبر 2023، كانت مخيبة، حيث تم التخلي عن منطقة Tarfaya بعد عدم تحقيق التوقعات.
وحسب رئيس جمعية الجيولوجيين والجيوفيزيائيين الإسبان، فإن عملية حفر البئر “Cinnamon-1” على عمق 100 متر باستخدام منصة “توباز دريلر” أظهرت التحديات الكبيرة التي تواجه عمليات الاستكشاف النفطي في المغرب، فرغم التركيز على طبقات كربونات العصر الجوراسي التي أثبتت وجودها في حقل “كاب جوبي”، إلا أن البئر فشلت في العثور على كميات تجارية من النفط.
في محاولة لاستغلال إمكانات حقل الغاز Anchois، الذي اكتشف منذ سنوات، أوضحت الصحيفة الإسبانية أنه تم حفر البئر Anchois-3 شهر غشت 2024، إلا أن المشروع، الذي يضم كبار اللاعبين في قطاع الطاقة اصطدم، بتحديات جيولوجية كبيرة، حيث كشفت نتائج الحفر عن وجود طبقات رقيقة من الرمال المشبعة بالغاز، بالإضافة إلى مشاكل تتعلق بالتسرب المائي، مما يقلل بشكل كبير من حجم الاحتياطيات القابلة للاستخراج.
وسجل المصدر ذاته أن الاستثمارات الأجنبية لا تزال تتدفق بقوة في هذا القطاع رغم التحديات التي تواجه قطاع الطاقة في المغرب، فشركة النفط العملاقة إكسون موبيل، على سبيل المثال، قد التزمت باستثمار كبير في المنطقة، من خلال توقيعها على عقود لاستكشاف مساحات شاسعة تصل إلى 109,246 كيلومتر مربع قبالة سواحل أكادير-إفني و20,819 كيلومتر مربع قبالة سواحل الصويرة-آسفي.
وحسب التقرير فإن شركة جنرال إنرجي، التي تمتلك حصة 75% في مشروع لاستكشاف حقل الغاز الواعد “لجزيرا”، تسعى لجذب شركاء جدد للمساهمة في تمويل عمليات الحفر، كما تواصل شركة “هنت أويل”، التي تمتلك حصة مماثلة في مشروع استكشاف حقل “مغدور”، جهودها لتعزيز وجودها في السوق المغربية.
وخلص لخورخي نافارو، نائب رئيس جمعية الجيولوجيين والجيوفيزيائيين الإسبان، بالتأكيد على أن مجال النفط البحري في المغرب لا زال يثير الاهتمام بسبب إمكانياته الاستكشافية الواعدة، على الرغم من الإحباطات الأخيرة، علاوة على ذلك تظل بيئته الضريبية الجذابة ودعم المكتب الوطني للهيدروكربونات والمعادن في المغرب (ONHYM) من العوامل الرئيسية التي تسهل وتعزز الاستكشاف”.