أثار رفع تحالف “التكتل الشعبي” الجديد، الذي يقوده حزب الحركة الشعبية، لرهان تقديم بديل سياسي جديد للمغاربة تساؤلات حول قدرة مكونات هذا المولود السياسي الجديد على إقناع المغاربة وتجديد ثقتهم في الممارسة السياسية وتجاوز ما وصفه بـ”الضعف البنيوي والعجز الوظيفي القائم في أداء وأدوار الوساطة السياسية والنقابية والجمعوية”.
وأعلن كل من حزب الحركة الشعبية والحزب المغربي الحر والحزب الديمقراطي الوطني عن اصطفافهم في تكتل شعبي موحد استعدادا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، المزمع تنظيمها في 2026، دون أن يصدر ذلك بشكل رسمي عن مكونات هذه التجربة السياسية الجديدة.
وبالنظر إلى استناد التكتل السياسي الجديد على حزب يحوز شيئاً من الشعبية ضمن خريطة الأحزاب السياسية المغربية (الحركة الشعبية) مقابل حزبين يوصفان على أنهما من الأحزاب الصغيرة التي ما زالت تبحث لنفسها عن موطئ قدم داخل النسق السياسي (الحزب المغربي الحر والحزب الديمقراطي الوطني) رجحت قراءات لهذه الخطوة على أنها رمزية أكثر من كونها تصورا سياسيا جديدا كما يقول أصحابها.
عبد الرحيم العلام، أستاذ القانون الدستوري وعلم السياسة بجامعة القاضي عياض بمراكش، قال إنه “يصعب على أي تحالف سياسي أن يكون مؤثرا في الحياة السياسية ومقنعا للمواطنين إذا لم يتم بين أحزاب سياسية جماهيرية وذات قاعدة شعبية كبيرة”، مشيرا إلى أن “تفرق الأحزاب في الانتخابات ثم التحالف بعد الانتخابات هو الذي يعطي قوة أكثر للتحالف”.
وأورد المحلل السياسي، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن “منطق التحالف هو الذي جعل السلطة المغربية تاريخيا تسمح بتعدد الأحزاب على الرغم من التقاربات الفكرية والإيديولوجية والسياسية والتوجهات الاقتصادية”.
واعتبر العلام أن “تحالف هذه الأحزاب الصغرى هو تحالف شكلي”، مبررا ذلك بـ”الوزن السياسي الذي تمثله في الخريطة السياسية المغربية وحجم تمثيليتها في مؤسسات الدولة عبر التاريخ السياسي الحديث”.
ولهذه الأسباب، أشار المتحدث ذاته إلى أن “هذا التحالف سيكون رمزياً أكثر من كونه تحالفا استراتيجيا أو مؤثرا في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة”، مبرزا أن “هذا لا يعني أن هذه الأحزاب لن تستفيد كاملة من هذه الخطوة”.
وأورد الأكاديمي ذاته أن “هذا التحالف سيعطي دفعة معنوية لحزب الحركة الشعبية الذي يسوق نفسه على أنه بديل سياسي للمرحلة التي وصفها بالبناء السياسي العشوائي وأنه قائد هذا القطب السياسي الجديد”، مضيفا أن “الحزبين الآخرين المشاركين في هذا التحالف سيستفيدان أيضا من التعريف باسمها الذي لم يكن معروفا بشكل كبير”.
وعلى المستوى العملي، توقع المهتم بالشأن السياسي أن “يكون تأثير هذا التحالف في نتائج الانتخابات المقبلة ضعيفا”، مستدلا في ذلك بأن “فلسفة الدخول في السباق الانتخابي على شكل تحالفات حزبية تكمن في تغطية ضعف حضور حزب في دائرة معينة بقوة تأثير الحزب الآخر في نفس الدائرة وهو ما يغيب في هذه التجربة بحكم صغر الأحزاب التي انضمت لهذا التحالف”.
ونبه الأستاذ الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري إلى أنه “يمكن لهذا التحالف أن يستمر كما يمكنه أن يتشتت بعد الانتخابات وما أكثر النماذج التي آلت بها الأوضاع إلى التشتت عوض تقوية الصفوف وتعزيز التحالف”.
ورَجَّح المحلل السياسي نفسه أن “تكون هذه المبادرة من أجل جر الأضواء إلى هذه الأحزاب ومحاولة تمديد شعبيتها إلى فئات اجتماعية لم تكن تعرف شيئا عن هذه الأحزاب وليس لطرح بديل سياسي كما تحاول أن تقنعنا”، مؤكدا في هذا الجانب أن “التحالفات القوية تكون بين الأحزاب القوية التي تملك قاعدة جماهيرية متعددة”.
وبَيَّن العلام أنه “رغم كون هذه التحالفات الحزبية قبل حلول موعد الانتخابات هي ممارسة جديدة على السلوك السياسي المغرب، إلا أن الجيد في هذه المرحلة التي يمر منها المغرب هو أن تحل الأحزاب السياسية الصغيرة نفسها وتنصهر في أحزاب كبيرة بنفس التوجهات والمنطلقات السياسية والفكرية والإيديولوجية لتجويد الممارسة السياسية”.