قال عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار رئيس الحكومة المغربية، في كلمة له بمناسبة انعقاد الدورة العادية للمجلس الوطني للحزب، اليوم السبت بالعاصمة الرباط، إن “دورة المجلس الوطني للحزب تمرينٌ ديمقراطي سنوي، يستمد أهميته التنظيمية باعتباره إطارا يقرر ويوجه في مهامنا السياسية والحزبية، بل ونرجع إليه في تحديد كافة خياراتنا الكبرى ومسؤولياتنا السياسية”.
وتابع أخنوش، متحدثا أمام الحاضرين، قائلا: “اختيارنا 11 يناير لعقد مجلسنا الوطني لم يكن تقديرا زمنيا عاديا، بل لأن هذا اليوم له دلالة ورمزية تاريخية مستمرة عند كل المغاربة. فهو يؤرخ لذكرى تلاحم وثيق بين العرش والشعب بمختلف قواه الحية”، مضيفا: “هو ذكرى يواصل جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، منحها روح الاستمرارية من خلال الدفاع عن وحدتنا الترابية تجاه خطط الانفصال… وكذا حماية سيادتنا وأمننا الحضاري والاقتصادي والاجتماعي”.
وأبرز المتحدث أن “أشغال هذه الدورة تنعقد في سياق خاص مطبوع بالحصيلة الإيجابية التي حققتها الحكومة خلال السنوات الثلاث الماضية، وما أفرزته من تحولات عميقة، تنفيذا للرؤية الملكية السامية، حسنت من المعيش اليومي للأسر المغربية ومستقبل أبنائها”، مضيفا: “هذا هو الوفاء الواقعي بقناعاتنا التنموية، الذي يقتضي مزيدا من التفكير الجماعي والاستعداد لفصل جديد من العمل البناء، قصد الشروع في استكمال الأولويات الوطنية الكبرى وخدمة المصالح المستقبلية لبلادنا”.
مدونة الأسرة
لم يفت رئيس حزب “الحمامة” أن يجدد عبارات الشكر والعرفان لملك البلاد لقراره ترسيم رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية، وقيادته أيضا لمسار تعزيز مركزية الأسرة ضمن مسلسل بناء المغرب الحديث، مشيرا إلى أن “هذا الورش يجسد العناية التي ما فتئ يوليها صاحب الجلالة، نصره الله، للنهوض بقضايا المرأة والأسرة بشكل عام، وحرصه الدائم على حماية الأسرة المغربية وضمان استقرارها”.
وتابع قائلا: “لذلك، فنحن مطالبون أكثر من أي وقت مضى بتعبئة الجهود والعمل على خلق الآليات الضرورية لتكون مضامين ومستجدات مدونة الأسرة ضمن أجندة الحزب في كل المحطات السياسية المقبلة التي تقوم بها مختلف الهيئات والمنظمات الموازية”، مشددا على أن “هذه الأوراش الإصلاحية التي يتم إنجازها بمقاربة تشاركية شمولية، والتي تجمع بين التطورات المجتمعية واحترام خصوصية مجتمعنا، تكرس النموذج المغربي المتفرد على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهذا ما أكسب بلادنا مكانة متميزة بين الأمم”.
الوحدة الترابية
في حديثه عن الوحدة الترابية للمملكة، نوه أخنوش بـ”المكاسب المحققة بفضل الدبلوماسية الوطنية، بقيادة جلالة الملك، نصره الله، وهو ما يعكسه توالي الاعترافات الدولية الوازنة بمغربية الصحراء، كان آخرها الموقف التاريخي للجمهورية الفرنسية، وقبلها الموقفان الحاسمان لكل من المملكة الإسبانية والولايات المتحدة الأمريكية”، موردا أن “التجمع الوطني للأحرار، وهو يستحضر التحولات الحاسمة التي تعرفها قضية الصحراء المغربية، يشدد على أن المرحلة المقبلة تتطلب من الجميع المزيد من التعبئة واليقظة لمواصلة تعزيز موقف بلادنا، والتعريف بعدالة قضيتنا والتصدي لمناورات الخصوم”.
وزاد: “في هذا الإطار، وتفعيلا للتوجيهات الملكية السامية بخصوص تعزيز أدوار الدبلوماسية الحزبية، عمل التجمع الوطني للأحرار على تفعيل خطة عمل لجنة التكوين والترافع عن مغربية الصحراء، لاستثمار كل العلاقات المرتبطة بالدبلوماسية الموازية، بغية الحسم النهائي لنزاع الصحراء المفتعل، بكل ما تقتضيه الظرفية من حزم دبلوماسي”، مبرزا أن “هذه الدينامية التي يقودها صاحب الجلالة، نصره الله، هي التي بوأت المغرب مكانة الريادة بين الأمم بفضل الحكمة الملكية السديدة والمتبصرة في التعاطي مع التحولات العميقة التي يشهدها العالم، وبالخصوص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.
وحضرت القضية الفلسطينية في كلمة عزيز أخنوش، إذ أكد أن “الدينامية التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، هي التي بوأت المغرب مكانة الريادة بين الأمم بفضل الحكمة الملكية السديدة والمتبصرة في التعاطي مع التحولات العميقة التي يشهدها العالم، وبالخصوص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، مضيفا: “في هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أننا نتابع بقلق بالغ تطور الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وندين بشدة الحرب التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني والتي راح ضحيتها آلاف الأبرياء”.
وزاد: “وهي مناسبة لنؤكد أن السبيل الوحيد لضمان السلم والأمن والاستقرار في المنطقة لن يتحقق إلا في إطار حل الدولتين، تكون فيه غزة جزءا لا يتجزأ من أراضي الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية”.
حصيلة الحكومة
في الشق الحكومي أيضا، أكد أخنوش أن “الحصيلة المرحلية للحكومة أظهرت إنجاز إصلاحات عميقة جعلت بلادنا في وضعية متقدمة، تمكنا خلالها من إعطاء التزاماتنا السياسية بعدها الاقتصادي والاجتماعي المنتظر، وتوطيد تجلياتها المجالية والمجتمعية”، مضيفا: “لقد نجحت هذه الحكومة بروح الجدية والوطنية اللازمة في تحصين المكتسبات الاجتماعية لمستقبل الأسرة المغربية لتجاوز مظاهر الهشاشة والإقصاء الاجتماعي والاقتصادي، بشكل يضمن الكرامة لجميع المغاربة”.
وتابع رئيس الحكومة: “من باب مسؤوليتنا الاجتماعية، قمنا بوضع ورش الدولة الاجتماعية في صلب أجندتنا الحكومية… لذلك خصصنا 10 مليارات درهم لاستكمال تنزيل برنامج الحماية الاجتماعية. كما نجحنا في فتح باب تعميم التأمين الإجباري عن المرض لفائدة كل الفئات الاجتماعية، وأداء الاشتراكات لفائدة الأشخاص غير القادرين على المساهمة”.
في السياق ذاته، أشار إلى أن “هذه الحكومة لما باشرت مهامها لم تجد إلا 9 ملايين مستفيد من نظام راميد، ولا صحة بالمرة لما يتم الترويج له من تراجع عدد المستفيدين من التغطية الصحية حاليا، ولا صحة لأرقام 18 مليون و20 مليون مستفيد التي يتحدث عنها البعض. بينما استطاعت الحكومة وبأرقام موثوقة أن تصل اليوم إلى 10 ملايين مغربي يستفيدون من التغطية الصحية الكاملة”، مشددا على أن “المغاربة اليوم، وبفضل الإجراءات الخاصة بالتغطية الصحية، أصبحوا متساوين في الاستفادة من خدمات التعويض عن التطبيب والعلاج والدواء، من يتوفر على الإمكانات المادية مثل من لا يتوفر عليها، وهذا ربما واقع يزعج؛ لأنهم لم يستطيعوا أن يصلوا إلى ما حققته هذه الحكومة لصالح المواطنين”.
وأكد أخنوش أن “السعي الحثيث لإنجاح ورش الحماية الاجتماعية يتطلب مواكبة تأهيل العرض الصحي. لذلك، فإن الحكومة ظلت ملتزمة بمواصلة الإصلاح الشامل للمنظومة الصحية الوطنية، عبر الرفع من ميزانية القطاع من 19 مليار درهم سنة 2021 إلى أزيد من 32 مليار درهم هذه السنة، أي بزيادة أكثر من 13 مليار درهم”، مضيفا أن “هذه الدعامة المالية ستشكل حافزا لمواصلة برنامج إعادة تأهيل 1400 مؤسسة للرعاية الصحية للقرب، الذي يعرف وتيرة متسارعة بلغت تأهيل 800 مركز صحي، في أفق استكمال أشغال باقي المراكز خلال سنة 2025”.
فلسفة سياسية
أورد أخنوش، أيضا، بأن “مقتضيات قانون مالية 2025 جاءت لتجسد مرة أخرى الفلسفة السياسية للحكومة في التعاطي مع القضايا الاجتماعية في شموليتها، عبر الاستمرار في دعم القدرة الشرائية للمواطنين، من خلال آلية صندوق المقاصة بما يفوق 16.5 مليار درهم”، مشيرا إلى أن “الحكومة تستكمل منجزاتها الاستثنائية في مجال الحوار الاجتماعي، لا سيما عبر تخصيص 20 مليار درهم خلال هذه السنة، ستمكن من أجرأة وتنفيذ مختلف التعهدات”.
وذكر أن “الحكومة اتخذت قرارا تاريخيا سيبقى شاهدا على الأفق الاجتماعي لهذه الحكومة، عبر حذف الضريبة على الدخل لفائدة المتقاعدين، وهو مطلب طال انتظاره، كانت لنا الشجاعة السياسية في إخراجه إلى الوجود”، مضيفا: “كما تمكنا هذه السنة من رفع حصة الجماعات من الضريبة على القيمة المضافة من 30% إلى 32%، حرصا منا على دعم الأدوار التنموية للجماعات الترابية وتعزيز مواردها المالية، وهو المطلب الذي تقدم به المنتخبون التجمعيون خلال منتدياتهم الجهوية”.
وسجل أن “الحكومة واجهت بكل ثقة ومسؤولية أزمات متتالية، كزلزال الحوز وفيضانات المغرب الشرقي، وتعاملنا مع كل الصدمات بروح المسؤولية الوطنية، ولم نسعَ لتوظيفها سياسيا أو انتخابيا، لأننا لسنا تجار مآسٍ أو تجار أزمات”، مجددا التأكيد في الوقت ذاته أن “النصف الثاني من هذه الولاية سيشكل عنوانا للاستراتيجيات ذات الأولوية، على غرار ملف التشغيل وقضية الماء ذات الطابع الاستراتيجي”.
مرحلة جديدة
أبرز رئيس “الأحرار” أن “قيادة الحزب للتجربة الحكومية الحالية تؤكد بالملموس أننا ننتمي لمدرسة سياسية نموذجية تنتصر لقيم الجدية والمسؤولية، ومتشبعة بالديمقراطية الاجتماعية فكرا وممارسة، وتمارس السياسة بأخلاق، دون سب أو انتهازية، وتجعل قضايا وطننا فوق كل اعتبار، وتعي جيدا أدوارها الدستورية في التأطير والتكوين ومواكبة المواطنات والمواطنين وإشراكهم في صنع القرار”، معبرا عن افتخاره بما تقوم به كل المنظمات الموازية للحزب في كل المجالات.
في سياق مماثل، قال أخنوش: “لقد قمنا في الحكومة بمجهود كبير وعمل جبار، ونعرف جيدا أن ضريبة النجاح ثقيلة، ولكن مازال أمامنا الكثير من الأمور التي نريد تحقيقها خدمة للوطن، ونحن عند كلمتنا مع المغاربة، ونفخر بأننا نشتغل في حكومة صاحب الجلالة، وتحت توجيهاته، نصره الله”، مؤكدا أن “الحزب قبل هذا المجلس الوطني ليس هو الحزب بعده، ولهذا سيكون هذا المجلس الوطني نقطة تحول كبيرة في أداء مختلف التنظيمات بدون استثناء، حيث يجب على جميع المنظمات الموازية أن ترفع من وتيرة عملها”.