تزامنا مع ترقب تعزز الربط الجوي لجوهرة الصحراء المغربية بخط جديد بين مدينتي الرباط والداخلة، يرتقب أن تُطلق الخطوط الملكية المغربية أولى رحلاته منتصف الشهر الجاري، أعلنت شركة “ريان إير” بدءها رسميا، الأربعاء، تشغيل الخط الجوي بين المدينة المغربية ومدريد الإسبانية، بواقع رحلتين أسبوعيا، كل أربعاء وسبت؛ وهو التزامن الذي يُترجم، وفق محللين، “دينامية في الربط الجوي تعد الداخلة باستثمارات مهمة وواعدة”.
ويأتي تشغيل الخط الجوي بين العاصمة الإسبانية والداخلة تنفيذا لمذكرة تفاهم وقعها المكتب المغرب للسياحة وشركة الطيران الإيرلندية، يقضي بإطلاقه رفقة ثلاثة خطوط أخرى، يرتقب أن يتم تشغيل أحدها، وهو يربط بين جزر الكناري ومدينة لانزاروت الإسبانية، خلال يناير الجاري كذلك.
ونظم المكتب الوطني المغربي للسياحة عملية واسعة النطاق بدعوته 100 فاعل سياحي إسباني وبرتغالي من عالم التوزيع السياحي ووسائل الإعلام لاكتشاف الداخلة ونواحيها، بمناسبة رحلة تدشين الخط الجوي الرابط ما بين مدريد والداخلة، الذي شرع في تشغيله من طرف شركة “ريان إير” بدءا يوم أمس الأربعاء 8 يناير الجاري.
وأكد المحللون، الذين تحدثوا لهسبريس، أن “تقوية الربط الجوي بين جوهرة الصحراء المغربية ومدن عالمية أو حتى مغربية من شأنه أن يُشجع الفاعلين الاقتصاديين المراقبين لمشاريع البنية التحتية التي تتطور بالمدينة، خصوصا ميناء الداخلة الأطلسي، على توجيه استثماراتهم صوبها”، مُبرزين أهميتها “في تحفيز مستثمرين عديدين وعدوا بخلق مشاريع، وتهم وحدات فندقية أساسا، بالمدينة، على المضي في ما التزموا به”.
وأفاد رشيد ساري، محلل اقتصادي، بأن “هذه الخطوط الجوية التي سيتم ربط الداخلة بها سوف تساهم في تحفيز الفاعلين الاقتصاديين الدوليين والمغاربة على توجيه استثماراتهم صوب الداخلة وكافة مدن جهة الداخلة- الذهب”، مُبرزا أنه “رغم الإمكانيات التي يتيحها الطريق السريع- تيزنيت الداخلة لاختصار مدد الرحلات صوب مدن الصحراء المغربية، فإن تقوية الرباط الجوي بها تبقى حاسمة في استقطاب الاستثمارات الأجنبية والمحلية”.
وأوضح ساري، في تصريح لهسبريس، أن “تنامي وعود شركات إسبانية بالاستثمار في مشاريع كبرى بجوهرة الصحراء المغربية، وبعضها علامات بارزة تعتزم في هذا الصدد بناء وحدات فندقية كبرى بالداخلة، أحد العناصر التي تحتم تقوية الربط الجوي بالمدينة”، متوقفا عند “الدلالة السياسية الكبيرة لما تعتزم الشركات الإسبانية القيام بها؛ فهو يعكس تطور الاعتراف الإسباني بمغربية الصحراء ليكتسب آثارا اقتصادية مهمة من خلال هذه المشاريع”.
واستحضر المحلل الاقتصادي ذاته أن “هذه الدينامية في الربط الجوي بمدينة الداخلة التي نشهدها تتخلق اليوم تأتي في ظل قطع جهة الداخلة وادي الذهب أشواطا مهمة في مجال الاستثمارات”، مذكرا “بتكرس منصة “الداخلة كونيكت”، التي تعرف بالإمكانيات الواعدة للاستثمار التي تزخر بها الجهة، على أرض الواقع من قبل المركز الجهوي للاستثمار بالأخيرة”.
ولفت ساري إلى أن “الاستثمارات المتنامية بالداخلة لا تهم القطاع السياحي لوحده، وإنما تشمل كذلك الطاقات المتجددة الريحية والشمسية والهيدروجين الأخضر، وتحلية مياه البحر”، موردا “مثال مشروع “هارماتان” للطاقة الريحية الأمريكي، الذي تقدر تكلفته لوحده بملياري دولار”.
وتوقع المصرح لهسبريس “تضاعف عدد الخطوط الجوية التي ستربط الداخلة بمدن عالمية ومغربية، بالنظر إلى هذا الزخم الاستثماري الذي يتجلى أيضا في ميناء الداخلة الأطلسي”.
بالمقابل، أوضح المحلل الاقتصادي ذاته أنه “رغم توفر الداخلة على هذه المؤهلات، فإنه تغيب عنها منتجعات سياحية بالمستوى المطلوب، مع أن المستثمرين الإسبان قد التقطوا هذه الإشارة؛ فوعدوا بمشاريع استثمارية كبيرة في هذه المنتجعات”، مُنبها كذلك إلى أن “تقوية رغبة الفاعلين الاقتصاديين في الاستثمار بالمدن الجنوبية تطالب كذلك الخطوط الملكية المغربية بتخفيض تسعيرة تذاكر رحلاتها”.
يوسف كراوي الفيلالي، خبير اقتصادي رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، أوضح أن “إطلاق هذه الخطوط من شأنه إتاحة الفرصة للمستثمرين للتعرف أكثر على الفرص الواعدة للاستثمار بالداخلة وكافة مدن الصحراء المغربية، خصوصا في ميادين السياحة والطاقات المتجددة؛ ما يعدها بعشرات الاستثمارات الجديدة المباشرة التي ستقوي الدينامية التنموية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية للمملكة”.
وأوضح كراوي الفيلالي، في تصريح لهسبريس، أن “إحداث خطوط جوية ما بين المدينتين الإسبانيتين سالفتي الذكر والداخلة المغربية هو أساسا إحدى ثمار هذه الدينامية المتمثلة في عشرات مشاريع البنيات التحتية، لا سيما ميناء الداخلة الأطلسي الذي تشير كل الدراسات والتوقعات إلى أنه سيشهد حركية قوية ستمكن الدول الإفريقية من تسويق منتجاتها للأمريكيتين عبر المحيط الأطلسي، خصوصا في ظل المبادرة الأطلسية التي ستتيح لدول الساحل منفذا على الأخير”.
وأبرز رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير أن “المشاريع الاستثمارية المهمة في ميدان الطاقات المتجددة، بالإضافة إلى مشروع الميناء، كلها عوامل حفزت شركات الطيران الدولية على إطلاق خطوط جوية تربط الصحراء المغربية ليس فقط بمدن الجارة الشمالية، وإنما كذلك بعدد من مدن وعواصم الدول الأوروبية كفرنسا والبرتغال”، مُتوقعا أن “تجلب الفرص الاستثمارية الواعدة بهذه المنطقة مزيدا من الخطوط الجوية المباشرة إليها”.