يشكل “قانون الإضراب” امتحانا عسيرا للحكومة. وجدت نفسها تمتلك صلاحيات تقديم مشروع القانون التنظيمي للإضراب، وتمتلك الأغلبية البرلمانية لتمريره عبر التصويت، لكن لا تمتلك رهان الشارع، الذي قد ينفلت من بين يديها، ويصبح وبالا يطاردها في كل وقت وحين، وها هي النُذر الأولى لذلك حيث خرجت المركزيات النقابية في احتجاجات متعددة وفي كل المدن، بل وخرج حتى مفتشو الشغل في أشكال احتجاجية.
ولعلم الحكومة أو لجهلها سيان فإن هيئة مفتشي الشغل دورها هو الإشراف على احترام القوانين الجاري بها العمل في مجال التشغيل، سواء كانت لصالح العاملين أو لصالح أرباب العمل، وهي هيئة لا يسير قطاع الشغل دونها، وهي أيضا تخرج رافضة قانون الإضراب بما يعني أن هناك إجماعا على أنه ليس صالحا.
الغرب=يب في هذه الحكومة أنها مصرة على إهدار الزمن المغربي كأنه لا يساوي شيئا بشكل نهائي، فلماذا كل هذه العنجهية وركوب الرأس والهروب إلى الجبل في تضييع وقت المغاربة؟ لماذا تستثمرون الوقت المغربي في مهاترات ونقاشات طوباوية لا أساس لها من الواقع؟
يمكن للحكومات أن تقع في الخطأ، ويمكن أن يجد لها المواطنون والسياسيون ألف مبرر لذلك، لكن أن يصبح الأمر متعمدا كل وقت وحين وفي كل الملفات، فهذا يعني أنه مقصود وأن هناك من يريد توريط البلاد في قضايا هامشية هي في غنى عنها، خصوصا وأنها تستعد لاستحقاقات دولية كتنظيم كأس العالم في نهائياته بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، ولا ننسى أن قضية الصحراء المغربية حققت خطوات كبيرة في اتجاه إقرار الحق المغربي وإنهاء النزاع المفتعل.
هذه الحكومة غير معنية بما ينتظر بلادنا من استحقاقات، وتعمل لفائدة تحقيق مصالح اللوبيات التي تقف وراءها أو ما نسميه “تجمع المصالح الكبرى”، ولهذا ما كانت معنية بإضرابات التعليم السنة الماضية والتي قبلها، والتي دامت حوالي أربعة أشهر، ولم تكن معنية بإضرابات طلبة كليات الطب والصيدلة، التي دامت حوالي 11 شهرا، وبعد الاتفاق تم اجتياز اختبارات السنة الماضية ليجد الطلبة أنفسهم أمام امتحانات السنة الحالية.
كيف لطلبة لم يدرسوا يجتازون الامتحانات؟ ما هي القيمة العلمية لهذا الفوج الذي سوف يتخرج بعد حين؟
فلماذا الارتجال في اتخاذ القرارات ضدا في الجميع؟ لماذا التسرع في إنتاج القوانين ضدا في المعنيين بالأمر؟
اعتمد دستور المملكة المغربية لسنة 2011 المقاربة التشاركية في صياغته من الفكرة إلى الاستماع للفعاليات الحزبية والمدنية إلى طرحه للاستفتاء العام حيث وافق عليه الشعب المغربي بنسبة محترمة ومقدرة، وفي ذلك إشارة إلى أن جميع القرارات ينبغي أن يتم اتخاذها وفق المقاربة التشاركية الغائبة عن سلوكات هذه الحكومة، فبعد أن اصبح قانون الإضراب في مجلس المستشارين يأتي الوزير المعني ليقول إن الحكومة منفتحة على تعديلات كبيرة وهذا إخلال كبير بمسالك التشريع.