في خطوة مثيرة، شهدت مقاطعة حسان اليوم تصويتًا لصالح إقالة رئيس المقاطعة المنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، ما يفتح بابًا واسعًا لقراءات سياسية قد تعيد رسم المشهد المحلي في العاصمة الرباط. حيث صوت لصالح الإقالة 32 مستشارًا ومستشارة، من مختلف مكونات المجلس، سواء من الأغلبية أو المعارضة، فيما اختار فريق فيدرالية اليسار بالمجلس الامتناع عن التصويت.
الحدث الذي جرى اليوم في المجلس البلدي ليس مجرد إجراء إداري أو نتيجة لفعل ديمقراطي طبيعي، كما قد يسوق له البعض. بل يمكن اعتباره انعكاسًا لمشاكل أكبر تعيشها الديمقراطية المحلية في المغرب، لا سيما على مستوى الجماعات الترابية. فإقالة رئيس المقاطعة تأتي في وقت حساس، وسط اتهامات متزايدة للمسؤولين المحليين بتفشي انعدام الأخلاق السياسية وتزايد الصراعات الداخلية التي تعكس غياب الحكمة والتوافق، وهي مشاكل طالما أزعجت مشهد السياسة المحلية في الرباط.
ما حدث اليوم يُظهر حقيقة مرة، وهي أن التوازنات السياسية في العاصمة المغربية تشهد تقلبات خطيرة، وأن كل ما تم الإعلان عنه كخطوات نحو تدعيم الديمقراطية والشفافية، قد يكون مجرد محاولات للتغطية على صراعات غير مرئية تقودها أطراف متعددة لا تسعى إلا لتحقيق مصالح ضيقة على حساب المصلحة العامة.
الركود الذي يعصف بحياة المجالس الجماعية في الرباط يبدو أنه ناتج عن غياب ممارسات سياسية قائمة على الشفافية والاحترام المتبادل. ومع كل خطوة مثل هذه، تزداد المخاوف من أن تصبح هذه الأحداث جزءًا من صورة سلبية قد تؤثر على الثقة في النخب السياسية المحلية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على الوضع التنموي للعاصمة التي يفترض بها أن تكون نموذجًا للآخرين.
وفي الوقت الذي يواصل فيه المواطنون والمتابعون تأملهم في إصلاح حقيقي يُنهي هذه الدوامة، يبدو أن الأفق السياسي في الرباط يزداد تعقيدًا، حيث تُظهر الأحداث الأخيرة أن الديمقراطية المحلية ما تزال تواجه تحديات كبيرة، وأن أية إصلاحات أو تغييرات ستظل مرهونة بتغلب القوى السياسية على صراعاتها الداخلية وتغليب المصلحة العامة على الحسابات الضيقة.