بعد تسجيل نمو طفيف بنسبة 2.4% في صادرات قطاع الطيران خلال عام 2023، يشهد هذا القطاع انتعاشة ملحوظة في عام 2024. حيث يتوقع أن يحقق القطاع رقماً قياسياً جديداً بنهاية العام، مما يبرز دوره الحيوي كمحور استراتيجي في الصناعة الوطنية.
وساهمت العديد من الإنجازات الكبرى هذا العام، بما في ذلك افتتاح منشآت إنتاج جديدة، في تعزيز مكانة القطاع باعتباره قطباً للابتكار والتميز. وفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن مكتب الصرف، ارتفعت صادرات قطاع الطيران بنسبة 17.3%، حيث تجاوزت 21.86 مليار درهم خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2024، لتتجاوز الرقم القياسي المسجل في عام 2023 والذي بلغ 21.85 مليار درهم.
ويرجع هذا النمو إلى الطلب العالمي القوي على منتجات الطيران، بما في ذلك قطع الغيار والمعدات الكاملة، فضلاً عن تنوع المنتجات التي تلبي احتياجات كبار المصنعين في القطاع. وقد عزز المغرب مكانته بين أبرز قواعد الإنتاج في إفريقيا والشرق الأوسط.
ومن أبرز الأحداث التي ساهمت في تعزيز مكانة المغرب الدولية في هذا المجال، كان “معرض الطيران المغربي 2024” الذي نُظم في مراكش. الحدث جمع الآلاف من المهنيين والمستثمرين وصناع القرار في قطاع الطيران، وكان فرصة لتعزيز التعاون مع عمالقة صناعة الطيران مثل بوينغ وإيرباص.
كما شهد العام 2024 أيضاً افتتاح مراكز تدريب جديدة، تلبي احتياجات القطاع المتزايدة من المهندسين والتقنيين والخبراء. في ذات السياق، تم تدشين عدة مصانع جديدة، أبرزها وحدة إنتاج محركات الطائرات التابعة لمجموعة “سافران” في الدار البيضاء، وهو مشروع بقيمة 300 مليون دولار سيخلق مئات فرص العمل ويسهم في نقل التكنولوجيا المتقدمة.
واستثمرت شركات أخرى مثل “بومباردييه” و”ستيليا” في المملكة عبر مصانع جديدة وتوسعات لمواقعها الحالية، مما يعكس تطور القطاع وتلبية الطلب المتزايد على قطع الطائرات عالية الجودة.
وفي هذا الصدد، أكدت عفاف سعيدي، مديرة صناعات الطيران بوزارة الصناعة والتجارة، أن قطاع الطيران في المغرب يعد واحداً من أكبر قصص النجاح الصناعي في المملكة. وأشارت إلى أن المغرب، بعد عشرين عاماً من إطلاق أول مبادرة في هذا القطاع، أصبح المصدر الرئيسي للمعدات وقطع الغيار على مستوى إفريقيا، ويحتل المرتبة الخامسة عالمياً من بين الدول الأكثر ديناميكية في مجال الطيران.
وأضافت سعيدي أن هذا الأداء المتميز يعكس قدرة القطاع على التكيف مع التحولات العالمية، مع الاستمرار في تعزيز مهارات اليد العاملة المحلية، ودعم النسيج الصناعي المغربي. ولفتت إلى أن المغرب اتخذ خطوات هامة لتعزيز تنافسية القطاع، بما في ذلك إنشاء مناطق صناعية مخصصة لصناعات الطيران، مثل “ميدبارك” التي توفر بنية تحتية حديثة، وتحفيزات ضريبية.
وأكدت أن التنوع في مجالات العمل ضمن هذه الصناعة ساهم في تعزيز التآزر بين مختلف أجزاء سلسلة القيمة، مما زاد من تنافسية القطاع وقدرته على تلبية احتياجات قطاع تقني دائم التطور.
ومع هذه الإنجازات، تبدو آفاق قطاع الطيران في المغرب واعدة، حيث من المتوقع أن تواصل المملكة تعزيز مكانتها كمرجع عالمي في صناعة الطيران على المدى المتوسط والبعيد.