في ظل استمرار معاناة عدد كبير من المواطنين المغاربة مع تكاليف العلاج المرتفعة وسياسات الدفع المسبق المفروضة من قبل المؤسسات الصحية، برزت أصوات تطالب بحلول تقنية مبتكرة تعزز من إمكانية حصول المرضى على العلاج دون عوائق مالية مسبقة.
ويأتي هذا السياق بعدما أصبح التأخر في استرجاع مصاريف العلاج عبئًا إضافيًا على الأسر المغربية التي تواجه واقعًا اقتصاديًا هشًا، لتتعالى أصوات النواب مرارا، لإنهاء إشكالية الدفع المسبق للعلاج.
وطرح النائب البرلماني محمد صباري، عضو فريق الأصالة والمعاصرة، اقتراحًا موجهاً لوزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، يدعو فيه إلى اعتماد منصة إلكترونية وطنية تهدف لتيسير ولوج المرضى إلى الخدمات الصحية والأدوية دون الحاجة للدفع المسبق.
الفكرة التي طرحها النائب تعتمد على تجارب دولية أثبتت نجاحها في هذا المجال، حيث يمكن للمرضى في بعض البلدان الحصول على الأدوية من الصيدليات عبر تسديد الفرق فقط بين نسبة التغطية التأمينية وسعر الدواء.
وأكد النائب صباري في سؤاله الكتابي، أنه أمام هذا الوضع يتجنب الكثيرون التوجه إلى المؤسسات الاستشفائية بالنظر لهشاشة أوضاعهم المادية، ونظرا لكون الأغلبية الساحقة من هذه المؤسسات تشترط الأداء المسبق لمصاريف الاستشفاء.
وأضاف أنه تتفاقم المعاناة أيضا أثناء حصولهم على الأدوية المسجلة في الوصفات الطبية، حيث لا يمكن الحصول على الأدوية من الصيدليات إلا بعد أداء ثمنه، مع أن بعض التجارب الدولية نجحت في توفير الأدوية للمواطنين بالصيدليات بأداء فقط الفرق الحاصل بين نسبة التحمّل وثمن الدواء للعموم.
في المقابل، رد الوزير أمين التهراوي في وقت سابق على اتهامات متكررة للمصحات الخاصة بفرض ممارسات مجحفة مثل شيكات الضمان و”النوار” (الدفع النقدي غير المصرح به).
وأشار في وقت سابق خلال مناقشة الميزانية الفرعية إلى أن الوزارة تقوم بعمليات تفتيش دورية ومفاجئة للتحقق من التزام المصحات بالقوانين.
وأكد التهراوي أن الوزارة تعمل على عدة إصلاحات، من أبرزها تفعيل نظام معلوماتي متكامل للملف الطبي، يربط بين جميع الجهات المعنية بالرعاية الصحية والتأمين الصحي، مما يضمن تبادل المعلومات بشكل آمن وشفاف.
كما تعمل الوزارة على تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وفتح قنوات اتصال مباشرة بين المصحات وشركات التأمين والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي.
هذه الإجراءات من شأنها تقليل الضغط المالي على المرضى وتحقيق شفافية أكبر في القطاع الصحي، بما يضمن توفير الخدمة الصحية دون تعقيدات مالية أو إدارية.
إلى جانب ذلك، كشف التهراوي عن قيام المفتشية العامة لوزارة الصحة برصد مخالفات جسيمة في بعض المصحات، تتعلق بتجاوزات في الفوترة وفرض شيكات الضمان، كإجراء قبلي لضمان الاستشفاء.
وأكد الوزير أن هذه الملفات تُحال إلى الهيئات المختصة، سواء الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء أو النيابة العامة إذا ثبت وجود شبهة جنائية.
المطالب بإطلاق منصة إلكترونية ليست فقط خطوة نحو تسهيل ولوج المرضى للعلاج، بل تُعد أيضًا وسيلة للحد من التجاوزات الحالية التي تؤثر على ثقة المواطنين في النظام الصحي.
مع استمرار النقاش حول هذه القضية، يأمل المواطنون أن يتم تسريع تنفيذ مثل هذه الحلول المبتكرة، التي لن تعزز فقط من مستوى الرعاية الصحية في المغرب، بل ستساهم أيضًا في تحقيق عدالة اجتماعية وصحية تُخفف من أعباء المواطنين وتضمن لهم حياة كريمة.