في خطوة هامة نحو تعزيز حقوق الأسرة المغربية، عرض وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، خلال لقاء تواصلي مع وسائل الإعلام يوم الثلاثاء، أبرز مضامين التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة.
وقال وهبي إن التعديلات الجديدة تهدف إلى إصلاحات قانونية تشمل حماية حقوق المرأة والطفل، مع التأكيد على القواعد الجديدة المتعلقة بالزواج.
وأضاف وزير العدل إن “القاعدة القانونية هي وجوب الزواج في سن 18 عامًا، وأن أي استثناء لزواج القاصر يكون في حالات نادرة جدًا، بحيث لا يجوز زواج القاصر الذي يقل عمره عن 17 عامًا.” وأوضح وهبي أن هذا التعديل يأتي في سياق تعزيز حقوق النساء والفتيات، مشيرًا إلى أن حماية القاصرات تمثل أولوية في إطار الإصلاحات القانونية الحالية.
فيما يتعلق بالتعديلات التي تم الموافقة عليها، أشار وزير العدل إلى أن المجلس العلمي الأعلى وافق شرعيًا على مجموعة من التعديلات التي اقترحتها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، وذلك بعد جلسة عمل ترأسها الملك محمد السادس. من بين التعديلات الهامة التي تم إدخالها، إيقاف دخول بيت الزوجية ضمن التركة، وهو ما يعني أن المنزل الذي كانت تقيم فيه الأسرة لن يُدرج ضمن أموال التركة في حالة الطلاق.
إضافة إلى ذلك، تم التأكيد على بقاء حضانة الأطفال في يد الأم المطلقة حتى وإن تزوجت مجددًا، مما يعكس تطورًا كبيرًا في حماية حقوق الأمهات وأطفالهن في حال الانفصال. كما تم إدخال تعديل يسمح للمغاربة المقيمين بالخارج بعقد الزواج دون ضرورة حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك، وهو تعديل يعكس التوجه نحو تسهيل إجراءات الزواج للمغاربة المقيمين في الخارج.
من بين التعديلات الأخرى التي تم إدخالها، تم منح الأم الحاضنة الحق في النيابة “القانونية” عن أطفالها، مما يعزز دورها في اتخاذ القرارات المتعلقة بحياة أطفالها. كما تم الاعتراف بمساهمة الزوجة في تنمية الأموال المكتسبة أثناء الزواج، بما في ذلك العمل المنزلي الذي كان سابقًا يُعتبر غير ذا قيمة في العديد من الحالات.
وفيما يتعلق بالقضايا المالية، أكد الوزير أن النفقة على الزوجة تكون واجبة بمجرد عقد الزواج، كما تم اعتماد مبدأ وحدة الذمة المالية بين الزوجين، مما يعني أن ديون الزوجين الناشئة عن هذه الوحدة تُعتبر مشتركة وتُسدد بشكل متبادل. وقد تمت الموافقة على جعل هذه الديون مقدمة على غيرها بمقتضى الاشتراك بين الزوجين في المسؤوليات المالية.
على الرغم من هذه التعديلات الجذرية، أشار وزير العدل إلى أن المجلس العلمي الأعلى رفض بعض المقترحات، مثل استخدام الخبرة الجينية لتحديد النسب، فضلاً عن رفض إلغاء العمل بقاعدة التعصيب في الميراث. كما رفض المجلس التوارث بين المسلم وغير المسلم، مما يعني أن الميراث سيظل محصورًا بين المسلمين فقط، وهو قرار يعكس تمسكًا بالثوابت الشرعية في هذا المجال.
في إطار تواصل الحكومة مع الرأي العام، تم تنظيم اللقاء التواصلي بمقر أكاديمية المملكة المغربية بالرباط، حيث تم عرض مضامين التعديلات والإجابة على تساؤلات الصحافيين. وصرح وزير العدل أن هذه المراجعات تأتي في إطار التزام الحكومة بتحقيق توازن بين الحفاظ على القيم الدينية والاجتماعية، وبين تعزيز حقوق الأفراد في إطار دستور 2011 الذي يعزز المساواة بين الرجل والمرأة.
تُعد هذه المراجعات خطوة هامة نحو تعزيز حقوق النساء والأطفال في المغرب، وسط اهتمام واسع من مختلف الأوساط السياسية والاجتماعية، مما يعكس تطورًا حقيقيًا في مجال حقوق الأسرة.