الأربعاء, يناير 15, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيروائح خانقة وأمراض مزمنة.. كابوس المصانع يطارد أحياء الدار البيضاء

روائح خانقة وأمراض مزمنة.. كابوس المصانع يطارد أحياء الدار البيضاء


في أعماق الدار البيضاء، حيث تزدهر الحياة بمزيجها بين الحداثة والتقاليد، يتسلل شبح التلوث البيئي ليحوّل أحياء المدينة إلى بؤر للمعاناة اليومية.

وتصارع الساكنة البيضاوية، خاصة في أحياء مثل سيدي البرنوصي وسيدي مومن وعين السبع وليساسفة وغيرها من الأحياء الشعبية،  يوميًا لإيجاد بصيص أمل في خضم أزمة بيئية خانقة.

الروائح المنبعثة من وحدة صناعية متخصصة في إنتاج مسحوق الغسيل بمنطقة البرنوصي، على سبيل المثال، لم تعد مجرد مصدر إزعاج، بل خطر يهدد حياة الساكنة، خاصة الأطفال وكبار السن.

وتطرق الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله، مؤخرا لهذه القضية في سياق أعمق.

في كلمة له خلال لقاء حزبي، قال: “هذا المصنع لا ينتج مسحوق الغسيل فقط، بل يسحق حياة المواطنين بأشكال مختلفة.

وفي الوقت ذاته، أشار إلى تحركات الجهات المسؤولة بقيادة والي جهة الدار البيضاء-سطات لإيجاد حلول مستدامة.

ولم يتوقف نشطاء البيئة، عن دق ناقوس الخطر، مؤكدين أن الوقت قد حان لتحرك عاجل.

وتعالت أصواتهم عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، مطالبة بتدخل السلطات لحماية السكان من هذه الكارثة التي أصبحت يومية.

كما تعيش أحياء سكنية بمنطقة ليساسفة كابوسًا بيئيًا وصحيًا مستمرًا بسبب نشاط وحدة صناعية متخصصة في إنتاج مادة “البوليستيرين”.

وتتزايد الشكاوى يومًا بعد يوم من سكان أحياء الراحة، رياض صوفيا، الأمانة، دار السلامة، مبروكة، وحتى الزناتة بمنطقة ليساسفة.

وأصبحت الروائح الخانقة المنبعثة من هذه الوحدة الصناعية جزءًا من يومياتهم، حيث أصيب عدد منهم بضيق النفس وأمراض مزمنة، نتيجة عدم استحمالهم لهذا الدخان المسموم.

البرلمان بدوره دخل على خط هذا المصنع، حيث وجه النائب عبد الإله شيكر، عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، سؤالًا كتابيًا إلى وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، مستفسرًا عن الإجراءات المزمع اتخاذها للتعامل مع هذا الخطر البيئي.

وعبر النائب البرلماني عن تخوفه من أن تكون هذه الوحدة الصناعية غير ملتزمة بالضوابط القانونية المتعلقة بالسلامة وحماية البيئة. وأوضح أن المواد الأولية المستخدمة في هذه الصناعة تُعد من بين أكثر المصادر تلويثًا، مما يزيد من خطورة الوضع.

وفي تطور آخر، أثارت النائبة لبنى الصغيري جدلًا واسعًا بسؤالها عن مصنع للأسمنت تم الترخيص له في حي السلام 2 بسيدي مومن.

هذا المصنع، الذي يعتبر مصدرًا رئيسيًا للغبار الدقيق، حوّل فرحة السكان بمشاريع إعادة الإيواء إلى كابوس صحي يومي.

الغبار، وفقًا لصفحات تهتم بالشأن المجتمعي لسيدي مومن، تسلل إلى منازل الساكنة ومحلاتهم التجارية وحتى المدارس، مما رفع من حالات الإصابة بالربو وأمراض الجهاز التنفسي.

السكان أنفسهم لم يكتفوا بالشكوى، بل شرعوا في توثيق معاناتهم عبر الفيديوهات والمنشورات، مما أضاف بعدًا جديدًا للقضية.

أما الفعاليات السياسية والمدنية، فقد طالبت بقرارات حاسمة تتجاوز الحلول المؤقتة، مؤكدة أن استمرار هذا الوضع يعني مزيدًا من الأمراض والتدهور البيئي.

المفارقة هنا أن هذه المصانع التي يفترض أن تكون خارج النطاق الحضري، حصلت على تراخيص غامضة لممارسة نشاطها داخل الأحياء السكنية.

هذا الوضع يثير تساؤلات حادة حول الجهات المسؤولة عن منح تلك التراخيص وعن جدية تطبيق القوانين البيئية.

وتجد الدار البيضاء، التي لطالما اعتُبرت قلب الاقتصاد المغربي، نفسها الآن أمام تحدٍ صعب: كيف يمكن التوفيق بين التنمية الصناعية وحقوق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية؟ الجواب قد يكون في يد السلطات، التي تواجه اختبارًا حقيقيًا لإثبات التزامها بحماية حياة المواطنين.





Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات