“اطمئنان مبدئي واضح” خلقه وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، لدى مسؤولين في مؤسسات دستورية وهيئات مغربية مدافعة عن طرح إلغاء عقوبة الإعدام، وذلك بعد إعلانه، أمس الاثنين، أن المملكة تعتزم التصويت لأول مرة على قرار الأمم المتحدة العاشر بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام خلال الجمع العام المقبل للأمم المتحدة في 15 دجنبر الجاري.
وقبل إعلان وهبي أمس، دبجت هيئات مدافعة عن الحق في الحياة مراسلة إلى رئيس الحكومة تدعو إلى التخلص “من موقف الامتناع عن التصويت لصالح قرار وقف التنفيذ، حتى تنسجم على الأقل مع الموقف غير الرسمي للمغرب الذي لم ينفذ الإعدام قبل أكثر من ثلاثين سنة، وحتى يكون ذلك تعبيرا عن قلقها من استمرار قتل المئات من الأشخاص كل سنة وإعدامهم بأبشع أساليب القتل الهمجي المتخلف، في الكثير من الدول باسم القانون”.
“إسقاط التشريع”
آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قالت لهسبريس إن ما أعلن عنه وزير العدل في المؤسسة التشريعية بمثابة خطوة جريئة في مسار إلغاء المغرب عقوبة الإعدام، مسجلة أن من أهم توصيات الإنصاف والمصالحة، أو حتى ما تمت إثارته خلال المناظرة الدولية حول التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية التي انعقدت بالبرلمان المغربي نهاية الأسبوع الفائت، أن تصوت المملكة لصالح وقف التنفيذ.
ولفتت رئيسة المؤسسة الدستورية المعنية بحماية حقوق الإنسان، وأولها الحق في الحياة، إلى موقف المجلس الذي كان واضحا، من خلال الدعوة إلى الإلغاء والمصادقة أولا على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي والتصويت لصالح القرار الدولي لوقف التنفيذ خلال اجتماع اللجنة الثالثة، مبرزة أن “هذه الخطوة هامة بالفعل في أفق الإلغاء”، وزادت: “هذا قرار حكومي مرجعي في ما يخص التصويت.”
وأشارت المسؤولة سالفة الذكر إلى القرار التشريعي الذي مازال منتظرا، لا سيما في ما يخص القانون الجنائي المغربي، وإسقاط هذه العقوبة السالبة للحياة من التشريع الوطني، مضيفة أن “الحق في الحياة ومتطلبات حمايته وتحصينه تشهد تحديات كثيرة وكبيرة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا”، خالصة إلى أن “المغرب هكذا يجدد وينبه إلى أهمية حماية هذا الحق عبر العالم؛ فقرار الرباط يحظى بالضرورة ببعد دولي هام”.
“عقوبة وحشية”
عبد الله مسداد، الكاتب العام للمرصد المغربي للسجون العضو في الائتلاف المغربي ضد عقوبة الإعدام، قال إن “قرار المغرب حكيم يأتي في وقت توفرت فيه كافة الشروط التي تؤازر خيار التصويت الإيجابي بعد سنوات من الامتناع”، موضحا أن “الحركة الحقوقية والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في شموليتها وبطابعها الكوني ظلت تترقب تحركا من هذا النوع لأكثر من 15 سنة تقريبا”، وزاد: “الآن، نتمنى أن يكون التصويت خطوة في مسار الإلغاء التام”.
وسجل مسداد، في تصريح لهسبريس، أن “الغاية هي نيل قانون جنائي يخلو تماما من عقوبة الإعدام الوحشية التي لم يعد لها مكان في التشريع الحديث”، مبرزا أن “العالم صار يناقش اليوم أنسنة العقوبة، والمدافعين عن الإلغاء لا يدافعون إطلاقا عن الإفلات من العقاب بالنسبة للجُناة والمجرمين، بل يرفضون الانتقام باسم العدالة”، وقال: “التقدير الإنساني يمكن أن يخطئ والإعدام لم يكن قط حلا نهائيا للجريمة في أي مجتمع”.
وعبر المتحدث عن أمله أن “تواصل المملكة مسارها حتى تتخلى نهائيا عن هذه العقوبة وفق المنهجية الدولية التي تتحرك بنوع من التدرج في هذا النطاق”، خالصا إلى أن “التقليص من الحكم بهذه العقوبة لاحقا سيكون مدخلا أوليا نحو خطوات أكثر جرأة، فالإلغاء لا يبدو بعيدا كما أنه ليس قريبا وسيتطلب وقتا ونوعا من الروية”، موردا: “طموحنا عموما أكبر، وهو كما قلتُ أن ننظر في التشريعات الوطنية ولا نعثر على أي أثر لكلمة [إعدام]”.