أثار اختفاء الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال جدلا واسعا على المستويين السياسي والثقافي بفرنسا، وذلك بعد انقطاع أخباره منذ مغادرته باريس إلى الجزائر السبت الماضي، حيث تشير المعلومات الأولية إلى اعتقاله فور وصوله إلى مطار الجزائر العاصمة، برفقة صحفي مجهول الهوية، دون أن تصدر السلطات الجزائرية أي توضيح رسمي بشأن مصيره، ما دفع السفارة والقنصلية الفرنسية للتحرك قصد معرفة مكانه والظروف التي أحاطت باختفائه، وسط مخاوف من أن يكون للأمر خلفيات سياسية.
ولم تتأخر ردود الفعل الفرنسية، حيث أعربت مؤسسة الرئاسة ووزارة الخارجية عن قلقهما، مشيرة إلى إمكانية طلب توضيحات رسمية من الجزائر حول الحادثة، كما دعا ناشر كتاب صنصال الأخير ورئيس تحرير إحدى المجلات السياسية إلى تحرك فوري لحماية حقوق الكاتب الذي طالما أثار الجدل بمواقفه وتصريحاته، وهو القلق الذي يتزامن مع توتر العلاقات بين الجزائر وفرنسا، والذي ازداد تعقيدا بعد اعتراف باريس بسيادة المغرب على صحرائه، مما يضع هذا الحدث في سياق دبلوماسي حساس للغاية.
ويعرف بوعلام صنصال، البالغ من العمر 75 عاما، بمواقفه المثيرة للجدل التي جعلته في مرمى النقد داخل الجزائر، بسبب انتقاداته اللاذعة للهوية الجزائرية وتاريخها، ومقارناته التي وصفت بأنها استفزازية بين المغرب والجزائر، بالإضافة إلى دعمه للعلاقات مع إسرائيل وزيارته لها عام 2012، مما جعل منه شخصية غير مرغوب فيها لدى السلطات الجزائرية وعدد من المثقفين المحليين، خاصة بعدما أثارت روايته “2084”، التي تضمنت انتقادات صريحة للأصولية، جدلا حتى في فرنسا، مما يعكس مدى حساسية مواقفه وتأثيرها.
وتعرض صنصال لهجوم من مثقفين بارزين في الجزائر، من بينهم الكاتب رشيد بوجدرة، الذي اتهمه في كتابه بالاغتراب عن وطنه واتخاذ مواقف تظهر تصالحا مع الاستعمار، وهي الانتقادات التي تأتي في سياق مسيرة مليئة بالصدامات بين صنصال والسلطات الجزائرية، حيث طرد سابقا من عمله بوزارة الصناعة بسبب آرائه المعارضة، ووضع تحت الرقابة رغم حيازته للجنسية الفرنسية وإقامته في فرنسا.
يذكر أن بوعلام صلصال عبَّر في وقت سابق عن رفضه المقارنة بين الجزائر والمغرب، حيث وصف المملكة بدولة ذات تاريخ عريق استعصى على فرنسا استعمارها، بينما اعتبر الجزائر مجرد تجمعات بشرية سهّلت احتلالها لمدة 132 عاما.