أثارت الخرجة القوية لوالي جهة طنجة تطوان الحسيمة، يونس التازي، في دورة مجلس الجهة، حيث انتقد أداء المنتخبين و”انشغالهم بالصراعات على حساب مصلحة المواطنين”، وهاجم التجزيء السري الذي عده من أخطاء الماضي، (أثارت) جدلا كبيرا.
وحذر الوالي التازي المنتخبين من “الوقوع في فخ دغدغة عواطف الناس بأمور نعرف أنها لا يمكن أن تتحقق، لأن هناك أخطاء وقع فيها السابقون، كالتجزيء السري”، مشددا على أن “أحياء جديدة أحدثت بشكل غير قانوني وأحدثتها مراكز مصالح بطريقة غير قانونية”.
وتساءل التازي مع أعضاء مجلس الجهة: “هل تريدون منا أن نشجع على ذلك؟”، قبل يدعو إلى “التحلي بالصراحة والشجاعة اللازمتين لمواجهة الأمر بطريقة صريحة تجاه المواطنين”.
وبدا لافتا في حديث التازي قوله: “إن الناس الذين اشتغلوا معي في مناصب أخرى يعرفونني. لن يتحكم أحد في طريقة اشتغالنا، وإذا كانت طريقة اشتغال أناس آخرين تناسبهم فليذهبوا للاشتغال معهم”، الأمر الذي رأى فيه البعض إشارة إلى أن الوالي يواجه ضغوطا وانتقادات من قبل لوبيات التجزيء السري بالمدينة.
وفي قراءته للموضوع يري محمد يحيا، أستاذ العلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة، أن تصريحات الوالي التازي عن التجزيء السري “تنسجم مع ما يجب أن يكون في هذه المرحلة، لأن مدينة طنجة تضم أزيد من مليون نسمة، وتشهد إلى جانب المناطق المجاورة لها انفجارا عمرانيا ومدنا إسمنتية كبيرة لا تخضع لأي تصميم”.
وأضاف يحيا، في حديث مع هسبريس، أن “التجزيء السري والبناء العشوائي كانا دائما موجودين في مدينة طنجة، وخلقا إشكاليات”، معتبرا أن “غياب قوانين التعمير وتواطؤ رجال السلطة والقياد مع هذه الفوضى المعمارية أدى إلى اتساعها”.
وأشار الأستاذ ذاته إلى أن “جميع السلطات التي حلت بالمدينة، مع الواليين السابقين اليعقوبي وامهيدية، والتازي حاليا، واجهت صعوبات في تدبير مثل هذه الملفات”، مشددا على أن “هناك لوبيات قوية تجعل السلطات أمام مدن إسمنتية قائمة الذات وبها تجاوزات، فيما القضاء الإداري والدولة دائما يبحثان عن السلم الاجتماعي؛ ولا يمكنهما هدم 500 شقة وتشريد الأسر القاطنة بها”.
وأفاد المتحدث بأن “الطريقة التي تحدث بها الوالي تبين أن المنتخبين يحملونه المسؤولية بطريقة غير مباشرة، وهو لا يمكن أن يتحملها لأنه وجد هذا الوضع قائما؛ وحتى من كانوا قبله وجدوا 70 بالمائة مما هو موجود حاليا، وبالتالي كان طبيعيا أن يحملهم المسؤولية والذهاب حد التهديد بأن هناك إطارا قانونيا ينظم هذه الأمور”.
كما سجل يحيا أن “تصريحات الوالي على الأقل يمكن أن تضع حدا لهذه الفوضى في مجال التعمير”، لافتا إلى أن “مركب المصالح واقع لا يمكن نكرانه، لكن لا ينبغي استمرار مدينة طنجة، باعتبارها واجهة سياحية وثاني قطب اقتصادي ومالي وتجاري في المغرب، بهذه الفوضى المعمارية، ولذلك أشهر الورقة الحمراء في وجه هذه اللوبيات، التي ينبغي أن تعرف أن عهد الفوضى انتهى”، وفق تعبيره.
من جهته اعتبر عزيز جناتي، الناشط الحقوقي رئيس مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، أن “ما ورد في كلمة الوالي بغض النظر عن حدته هو من صميم اختصاص مؤسسة الوالي”، وزاد: “ظرفا الزمان والمكان لهما دلالتهما التي لا يمكن أن تخطئ”.
وأضاف جناتي، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “من حيث الزمان فالجميع مطلع على ما تشهده جماعة طنجة ومقاطعاتها وكذا بعض الجماعات الأخرى، الأقل أهمية، من توترات بين مكوناتها، حدت بشكل كبير من فاعليتها وانخراطها في تدبير الزمن التنموي وفي طرح مشاريع ذات أثر على حياة المواطنات والمواطنين”.
وتابع الفاعل المدني والحقوقي ذاته بأن “الحديث عن المؤسسات المنتخبة أصبح مرتبطا أكثر بالخلافات الشخصية وتصفية الحسابات منه عن حصيلة عمل وجهود مبذولة لخدمة الصالح العام”، مردفا: “الأمر لا يقتصر من وجهة نظرنا على ما شهدناه في الأيام الأخيرة، وإنما يمتد إلى عدة شهور سالفة ويتمظهر بتجليات عدة صارت حديث الخاص والعام”.
أما من حيث المكان فأشار جناتي إلى أن “الوالي استغل انعقاد دورة مجلس الجهة للتنويه بالجو العام الذي تمر فيه الدورات، والإشارة إلى الوضع غير المرضي لباقي المؤسسات المنتخبة، وهو ما يحتمل عدة قراءات ويفتح المجال لتأويلات عدة”.
كما أشار المتحدث إلى أن “صلاحيات الجهة لا ترتبط بخدمات القرب والاحتكاك اليومي بالمواطنات والمواطنين؛ وإنما هي صلاحيات ذات طبيعة إستراتيجية وبنيوية، وهذا أمر يحد حتما من السياسوية ويقلل من التوتر”، واستدرك: “لكن حديث الوالي عن قضايا، وإشارته إلى أشياء تتقاسم اختصاصاتها عدة مؤسسات أخرى منتخبة ومعينة، من قلب دورة المجلس الجهوي، لا يمكن أن يقرأ إلا بعدم الرضا عما وصل إليه الوضع، ويحمل بين ثناياه تنبيها إلى ضرورة تصفية الأجواء وتحمل المنتخبين مسؤولياتهم”.