بعد أكثر من عقدين من العمل المتواصل والجهود المخلصة في خدمة الصحة العامة، يودع البروفيسور محمد نور الدين الأمين العلمي المستشفى الجامعي بفاس، بعد بلوغه سن التقاعد، تاركًا وراءه إرثًا عظيمًا من الإنجازات التي صبت في صالح المركز الاستشفاءي والمجتمع المحلي على حد سواء.
خلال سنواته الطويلة على رأس إدارة المستشفى، استطاع الدكتور محمد نور الدين الأمين العلمي أن يحقق العديد من المكاسب والانجازات التي ساهمت في رفع مستوى الخدمات الصحية في المنطقة، وجعلت من المستشفى الجامعي بفاس واحدًا من أبرز المراكز الطبية في المغرب. فبفضل إدارته الحكيمة، تمكن المستشفى من تحقيق تقدم ملحوظ في مختلف المجالات الطبية، سواء على مستوى التجهيزات أو تحسين جودة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى.
من أبرز إنجازات الدكتور الأمين العلمي كان نجاحه الكبير في تخصص جراحة الأذن والأنف والحنجرة، حيث تولى رئاسة هذا التخصص الدقيق والمعقد لأزيد من 30 سنة بالرباط ثم فاس. ورغم التحديات الكبيرة التي يواجهها هذا المجال، إلا أن بفضل توجيهاته وأبحاثه المستمرة، أصبح المركز الاستشفاءي بفاس الرائد في إجراء العمليات المعقدة التي تعتبر سابقة على المستوى الوطني. وكان من أبرز هذه الإنجازات عملية زراعة القوقعة، التي كانت بمثابة خطوة مهمة في مجال الطب في المغرب، ووضعت المستشفى الجامعي بفاس في مقدمة مراكز العلاج في هذا المجال المتقدم.
لم يكن الدكتور الأمين العلمي فقط قائدًا طبيًا متميزًا، بل كان أيضًا نموذجًا للنزاهة والشفافية في تدبير المرفق الصحي. فقد عرف عنه نظافة يده وصدقه في التعامل مع الجميع، سواء مع المرضى أو الطاقم الطبي والإداري وفي تدبيره للصفقات التي كانت تعلن عنها الإدارة، كما استطاع أن يخلق بيئة عمل يسودها الاحترام المتبادل، ويجعل من المستشفى مكانًا يعكس روح التعاون والاحترافية في التعامل مع التحديات اليومية.
مسيرة علمية وإدارية بارزة
البروفيسور محمد نور الدين الأمين العلمي يعد من الشخصيات المتميزة في مجال الطب، حيث يعتبر أول عميد مؤسس لكلية الطب والصيدلة بطنجة، حيث شغل هذا المنصب بين 2014 و2018. كما تقلد منصب نائب عميد كلية الطب والصيدلة بفاس، مكلفًا بالشؤون البيداغوجية، ما بين سنة 2004 و2013، ما جعل له دورًا بارزًا في تطوير المناهج التعليمية وتكوين الأطباء في المغرب. بالإضافة إلى ذلك، فقد ترأس مصلحة الأنف والأذن والحنجرة بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، حيث أسهم بشكل مباشر في تطوير وتحديث هذا التخصص الطبي على المستوى الوطني.
إسهامات علمية وإنجازات مهنية
البروفيسور الأمين العلمي يعتبر أيضًا مؤسس الجمعية المغربية لمرض الدوار، وأول رئيس للجمعية المغربية لأطباء الأنف والأذن والحنجرة. كما أنه عضو في الجمعية الفرنسية لأطباء الأنف والأذن والحنجرة، مما يعكس تواصله المستمر مع أبرز المؤسسات الطبية الدولية. وله إسهامات علمية عديدة في المجلات العلمية الوطنية والدولية، إضافة إلى كونه خبيرًا في مجال الجراحة الدقيقة وجراحة الصمم، بما فيها زراعة قوقعة الأذن، وهو ما جعل اسمه يرتبط بأحد أهم التطورات في هذا المجال الطبي المتخصص.
إن الرحيل عن قيادة المستشفى الجامعي بفاس ليس نهاية لمسيرة البروفيسور محمد نور الدين الأمين العلمي في خدمة الطب والصحة، بل هو بداية فصل جديد من العطاء، حيث يظل إرثه حاضراً في كل زاوية من زوايا المستشفى وفي قلوب المرضى الذين استفادوا من خبراته ومهاراته الرفيعة.
نهاية رحلة البروفيسور الأمين العلمي تظل مناسبة لتسليط الضوء على كل ما قدمه خلال مسيرته الطويلة، وللتأكيد على الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه الأطباء في رفع مستوى الخدمات الصحية وتحقيق التحولات الإيجابية في القطاع الصحي، وهو ما يبقى شاهداً على عمله الكبير الذي جعل من المستشفى الجامعي بفاس مركزًا متميزًا على المستوى الوطني والدولي
