الإثنين, مارس 31, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيأزمة "اعتقال إمام أوغلو"..هل استفاد أردوغان من التوقيت والمناخ الدولي؟

أزمة “اعتقال إمام أوغلو”..هل استفاد أردوغان من التوقيت والمناخ الدولي؟


في قلب إسطنبول، المدينة التي تُعد بمثابة مقياس للرأي العام في تركيا، تتصاعد المظاهرات الغاضبة منذ توقيف رئيس بلديتها، أكرم إمام أوغلو، بتهم “الفساد والإرهاب” و”قيادة منظمة إجرامية”. وبينما تؤكد الحكومة أن القضية قانونية بحتة، ترى المعارضة في التوقيف مؤامرة سياسية تهدف إلى تصفية خصم رئيسي للرئيس رجب طيب أردوغان، قبل ثلاث سنوات من الانتخابات الرئاسية المقررة في 2028، وقبل أيام من ترشيح أوغلو من قبل حزبه للانتخابات الرئاسية القادمة

وأثارت خطوة توقيف إمام أوغلو موجة استنكارا واسعا، واندلعت احتجاجات في إسطنبول وإزمير ومدن أخرى، رُفعت فيها شعارات ضد ما وُصف بـ”الانقلاب على إرادة الشعب”. وفي تصريح لافت، قال إمام أوغلو أمام أنصاره: “لن أتراجع أمام هذا التنمر… أسلم نفسي للشعب”.

حزب الشعب الجمهوري، المعارض الرئيسي في البلاد، أعلن أنه سيعقد مؤتمرا استثنائيا في 6 أبريل، حيث تتوقع مصادر من داخل الحزب ترشيح إمام أوغلو رسميا للرئاسة، ما يجعل من القضية الحالية اختبارا سياسيا حاسما للمعارضة؛ ويضع تركيا على صفيح واحدة من أقوى الأزمات السياسية وأخطرها.

ومن جانبه، سارع الرئيس رجب طيب أردوغان إلى الدفاع عن المسار القانوني للملف، متهمًا المعارضة بمحاولة “تضليل الرأي العام” وقال في خطاب رسمي نقلته وكالة الأناضول: “محاولات تحويل قضايا قانونية إلى أزمة سياسية هي ذروة النفاق… ليس لدي وقت أضيعه على المعارضة”.

ثلاثة محاولات لإسقاطه

التوقيف الحالي ليس سوى الأحدث في سلسلة من المحاولات التي استهدفت النيل من إمام أوغلو. ففي عام 2019، سعت الحكومة لإلغاء فوزه في إسطنبول، فواجه وأثبت قوته بزيادة رصيده الشعبي.

وفي عام 2022، صدر حكم بسجنه لمدة عامين بسبب “إهانته” لمسؤولين حكوميين، وهو ما عطّل ترشحه للرئاسة في انتخابات 2023 وفي مطلع 2024، أُلغيت شهادته الجامعية بدعوى وجود “مخالفات إدارية”.

وجاءت الضربة الأحدث عبر اتهامات شملت الرشوة، تبييض الأموال، والتواصل مع تنظيمات مصنّفة إرهابية.

وبحسب تقرير نشره موقع The Conversation ، فإن “إمام أوغلو كان على وشك الترشح للانتخابات التمهيدية لحزبه كمرشح رئاسي، ما جعله هدفا مكشوفا لمحاولات التصفية السياسية”. ويضيف التقرير: “تركيا تدخل مرحلة سياسية أكثر هشاشة، حيث يتآكل الفضاء الديمقراطي بشكل متسارع”.

يرى الخبير في الشأن التركي، الدكتور هاني سليمان، أن “الحدث يعمّق الاستقطاب السياسي داخل تركيا”؛ ويشرح ذلك قائلاً: “من جهة، ستستخدم الحكومة هذا الصراع لتأجيج الخطاب الأمني وتعزيز مفهوم الاستقرار مقابل الفوضى؛ ومن جهة أخرى، ستسعى المعارضة لاستثمار التعاطف الشعبي لحشد الجماهير وتقديم إمام أوغلو كرمز للمقاومة الديمقراطية”.

ويضيف سليمان أن توقيف إمام أوغلو قد يدفع ناخبين من خارج حزب الشعب الجمهوري إلى تأييده، وهو ما يُفسر بظهور موجات تعاطف حتى بين فئات لم تكن تقليديا ضمن قواعد الحزب. كما أن القرار قد يُفضي إلى مزيد من التماسك بين أطياف المعارضة التي فشلت سابقا في توحيد صفوفها بفعالية ضد أردوغان.

مناخ مشجع

وتأتي هذه التطورات في سياق دولي يمنح أردوغان مجالا أوسع للتحرك دون ضغوط حقيقية: فالولايات المتحدة، المنهمكة في صراعات داخلية، والاتحاد الأوروبي، المنشغل بتهديدات روسيا والهجرة، كلاهما يحافظ على علاقات استراتيجية مع أنقرة، خصوصا في ظل أهمية تركيا في ملفات مثل الناتو، واللاجئين، والتوازن في البحر الأسود.

وبحسب The Conversation, فإن “أردوغان يدرك جيدا أن دوره الإقليمي كوسيط في النزاعات، وموقع بلاده الجغرافي، وقوة جيشها، تجعله في وضع مريح يمكنه من التصرف بإفلات نسبي من العقاب”.

فالرئيس الأميركي، دونالد ترامب، نادرا ما عارض مثل هذه التصرفات أو أدان قمع الحقوق السياسية في دول أخرى. بل إنه، في مناسبات عدة، أظهر استعداده لإخضاع النظام القضائي الأميركي وخصومه السياسيين لإرادته الخاصة.

أما الاتحاد الأوروبي، المنشغل بالصراعات الداخلية والتهديد الروسي، فيبدو حريصا أيضا على الحفاظ على تركيا ضمن صفّه؛ فتركيا تمتلك ثاني أكبر جيش في حلف الناتو، وساحلا على البحر الأسود، وتسعى لتولي دور محوري في أمن أوروبا بعد تراجع الاهتمام الأميركي بالمنطقة.

وقد أطلق أردوغان مؤخرا ما سُمي بـ”عملية كردية جديدة” تهدف إلى المصالحة مع حزب العمال الكردستاني (PKK)، مما يجعل توقيف إمام أوغلو مفاجئا أكثر وقد يكون الهدف من هذه الخطوة إبعاد الناخبين الأكراد عن حزب الشعب الجمهوري.

لكن ما يحدث مع إمام أوغلو يعيد إلى الأذهان تجربة الزعيم الكردي صلاح الدين دميرتاش، الذي سُجن في 2016 بتهم تتعلق بـ”الدعاية الإرهابية”، رغم حصوله على دعم شعبي واسع. وعلى الرغم من دعوات أوروبية متكررة للإفراج عنه، لا يزال خلف القضبان.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات