الخميس, مارس 20, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيالخراطي يفتح "العلبة السوداء" لأسواق الجملة بالمغرب وينبه لـ "هيمنة الريع"

الخراطي يفتح “العلبة السوداء” لأسواق الجملة بالمغرب وينبه لـ “هيمنة الريع”


تعد أسواق الجملة ركيزة أساسية في سلسلة التوزيع الغذائي، إذ تلعب دورا محوريا في تحديد أسعار الخضر والفواكه وضمان استقرارها، ومع ذلك، فإن هذه الأسواق تعاني من “اختلالات هيكلية” تهدد فعاليتها، بدءا من تعدد الوسطاء الذين يفاقمون التكاليف، وصولا إلى غياب الشفافية والمعلومات الدقيقة حول الأسعار، مما يضر بالمزارعين والفلاحين، خاصة الصغار منهم، ويؤثر على القدرة الشرائية للمستهلكين.

ورغم الأهمية الاستراتيجية لهذه الأسواق، فإن الإطار القانوني المنظم لها لا يزال غير مكتمل، ما يساهم في تفاقم العشوائية والارتجال في تسييرها، فبين قوانين قديمة تعود إلى ستينيات القرن الماضي، وأحكام متفرقة غير واضحة، تظل الحاجة ملحة إلى إصلاح شامل يعيد لهذه الأسواق دورها الحقيقي في ضبط الأسعار وتحقيق التوازن في سوق المواد الغذائية.

في ظل هذا الوضع، تبرز ضرورة تدخل الجهات المسؤولة لإرساء نظام حديث ومنظم لأسواق الجملة، يعتمد على الشفافية، وتقليل عدد الوسطاء، وتحديث البنية القانونية بما يواكب تطورات السوق، لضمان عدالة أكبر في توزيع الأرباح بين المنتجين والتجار، وضمان استقرار الأسعار لفائدة المستهلك المغربي.

اختلالات عميقة

تواجه أسواق الجملة في المغرب العديد من الاختلالات التي تؤثر على جودة السلع، وأسعارها، وعمل هذه الأسواق، وفق ما أكده بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، في تصريح لجريدة “العمق”، مشيرا إلى أن هذه الأسواق، التي يفترض أن تحقق هدفين رئيسيين—أحدهما صحي والآخر تجاري—لا تزال تعاني من مشاكل بنيوية وتنظيمية تتطلب حلولاً عاجلة.

وأورد الخراطي أن أسواق الجملة يجب أن توفر فضاء ملائما للفلاحين من أجل بيع منتجاتهم مباشرة إلى تجار الجملة، بما يسهم في تقليل عدد الوسطاء، إلا أن الواقع الحالي يعكس وضعا مغايرا، مسجلا أن هناك شرطين أساسيين لضمان فعالية هذه الأسواق، وأولها توفير قاعات للتبريد والتخزين لضمان استمرارية المواد الغذائية وحمايتها من التلف، وهو ما لا يتوفر في جميع الأسواق، ثم إخضاع المنتجات للمراقبة الصحية لضمان سلامتها، خاصة فيما يتعلق بمستويات المبيدات المستعملة في الإنتاج الفلاحي.

غير أن العديد من أسواق الجملة في المغرب حسب المتحدث ذاتهن لا تغطي جميع الجهات، وبعضها عبارة عن فضاءات غير مجهزة تُستغل تحت مسمى “أسواق الجملة”، في حين أن عددا قليلا من المدن يتوفر على أسواق تستجيب للحد الأدنى من المعايير المطلوبة.

هيمنة الريع

وأبرز الخراطي أن واحدة من أكبر الإشكالات التي تعاني منها أسواق الجملة “هيمنة الريع”، إذ يخضع الفلاحون لنظام الوكلاء الذين يحصلون على نسبة من الضرائب المفروضة على المعاملات داخل السوق دون أي قيمة مضافة حقيقية.

وأوضح ، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن التاجر يؤدي ضريبة بنسبة 7% على معاملاته، يذهب 2% منها للوكيل الذي يحصل على هذه النسبة بموجب رخصة، دون أن يكون له دور ملموس في سيرورة البيع والشراء، وهو ما يستوجب إعادة النظر في هذا النظام.

واعتبر المتحدث ذاته،  أن الفلاح المغربي يواجه صعوبة في التحكم في مسار بيع منتوجه، إذ غالبا ما يضطر إلى بيع محصوله قبل الحصاد بسبب حاجته للسيولة، ما يجعله رهينة بيد السماسرة، هؤلاء يشترون السلع مباشرة من الحقول بأسعار منخفضة، ليعاد بيعها أكثر من مرة قبل وصولها إلى سوق الجملة، حيث تفرض عليها ضريبة جديدة بنسبة 7%، ما يرفع التكلفة النهائية على المستهلك.

ونبه الخراطي، إلى أن  نقل السلع من مدينة إلى أخرى يخضع بدوره لرسوم جديدة، وهو ما يضاعف الأسعار، إذ يضطر التاجر إلى إضافة قيمة الضرائب على المستهلك النهائي، ما يزيد من الغلاء ويضر بالقدرة الشرائية للمواطنين.

حلول بديلة

وقدم ، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، مثالا بالأسواق الكبرى، حيث لجأت الحكومة إلى فتح المجال أمام المساحات التجارية الكبرى لاقتناء المنتجات مباشرة من الفلاحين أو عبر مجمعات أنشأتها وزارة الفلاحة، ورغم أن هذه الخطوة من شأنها تقليص دور الوسطاء، إلا أن أسعار البيع في المساحات الكبرى لا تعكس دائما هذا التوجه، إذ إنها تظل في بعض الحالات أعلى مما هو متوفر في الأسواق التقليدية.

في ظل التطورات التكنولوجية، تساءل الخراطي عن مدى استمرار أهمية أسواق الجملة في ظل إمكانية بيع المنتجات رقميا، مشيرا إلى ضرورة التفكير في نموذج حديث مثل “سوق جملة افتراضي”، يخضع لتنظيم دقيق ورسوم واضحة، بعيدا عن العشوائية التي تميز النظام الحالي.

من بين الإشكالات المطروحة أيضا، أشار الخراطي إلى أن وزارة الداخلية هي الجهة المسؤولة عن بناء ومراقبة أسواق الجملة، رغم أن قطاع التجارة من اختصاص وزارة الصناعة والتجارة، ما يخلق تداخلا في الصلاحيات بين مختلف القطاعات الوزارية.

وشدد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، على ضرورة إصلاح منظومة أسواق الجملة بشكل شامل، بما يضمن شفافية المعاملات، وتقليص عدد الوسطاء، والقضاء على الامتيازات الريعية، مع توفير البنيات التحتية الأساسية لحماية جودة المنتجات.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات