تشهد مدينة بريسور، التي تضم مجتمعًا مغربيًا كبيرًا خاصة من الصحراء المغربية، منذ عدة أشهر مناخًا متوترًا. حيث أفادت تقارير عن تعرض مغاربة للمضايقات والاستفزازات وحتى الترهيب من قبل عناصر مرتبطة بالبوليساريو. هذه الحالة، التي ليست معزولة في فرنسا، تثير تساؤلات عديدة: كيف يتمكن هؤلاء الأفراد من الاستقرار والتصرف بإفلات من العقاب؟ ولماذا تتزايد تواجدهم في الوقت الذي شهدت فيه مدن مثل نانت وباريس اعتداءات على مغاربة؟
وفقًا لمراقبين، يبدو أن بريسور أصبحت نقطة استراتيجية لبعض نشطاء البوليساريو، الذين يجدون فيها أرضًا خصبة لتنظيم أنشطتهم. تحت غطاء أجندة سياسية، يفرض بعض هؤلاء النشطاء ضغوطًا نفسية واجتماعية على المغاربة الذين يعيشون ويعملون في المنطقة. وأصبحت أماكن العمل مساحات للمضايقات، حيث يتم استهداف مغاربة من الصحراء بسبب انتمائهم لوطنهم الأم. هذه العدائية تتجاوز الخلافات في الرأي، حيث تأخذ أحيانًا شكل ترهيب يهدف إلى خلق مناخ من الخوف ومنع أي تعبير مؤيد للمغرب.
هذه التوترات ليست جديدة. ففي نانت وساحة الجمهورية في باريس، اندلعت أعمال عنف في السنوات الأخيرة بين عناصر البوليساريو والمغاربة. وقد أظهرت هذه الأحداث أن هؤلاء الأفراد لا يكتفون بالتواجد بشكل خفي، بل يسعون إلى المواجهة ولا يترددون في استخدام العنف لفرض رؤيتهم السياسية. وفي مانت لا جولي، تمكن المغاربة من تحديد الشبكات التي تسهل استقرار هذه العناصر في فرنسا. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن في بريسور: من يسهل قدومهم؟ ومن يستفيد من تواجدهم؟ ولماذا يتزايد عددهم يومًا بعد يوم؟
في مواجهة هذه الحالة المقلقة، يبرز سؤال آخر: هل كان المغاربة يقظين ونشطين بما يكفي لمواجهة هذا التأثير؟ على عكس مدن أخرى حيث المجتمع المغربي منظم جيدًا ويعرف كيف يتصدى للاستفزازات، يبدو أن بريسور أصبحت ساحة يكتسب فيها البوليساريو ثقة، مستفيدين ربما من نقص التنسيق والرد المنظم من جانب المغاربة. وأصبح من الضروري تعزيز التنسيق بين الفاعلين المغاربة، وحشد الجمعيات، وإبلاغ السلطات المحلية والوطنية الفرنسية بهذا التصاعد المقلق في التوترات.
إلى جانب مسؤولية المغاربة في حماية مجتمعهم، يتعين على الحكومة الفرنسية تحمل مسؤولياتها. ففرنسا، كدولة قانون، لا يمكنها أن تتسامح مع تعرض مواطنين مغاربة أو فرنسيين من أصل مغربي للمضايقات والعنف على أراضيها. ويتعين على السلطات تعزيز مراقبة هذه المجموعات، خاصة عندما تتبنى سلوكيات عدوانية وترتدي أزياء شبه عسكرية، كما لوحظ خلال أحداث ساحة الجمهورية. إن وجود مثل هذه العناصر يشكل خطرًا ليس فقط على المغاربة، بل أيضًا على النظام العام الفرنسي.
تشكل حالة بريسور جرس إنذار يجب أن يدفع المغاربة في فرنسا إلى التنظيم، وفضح هذه الممارسات، والمطالبة بحماية مناسبة. لا يمكن أن يكون التقاعس خيارًا في مواجهة عناصر تخلق، تحت غطاء المطالب السياسية، مناخًا من الخوف والعنف. على المغاربة في بريسور وخارجها أن يسألوا أنفسهم: هل نحن منظمون بما يكفي للدفاع عن حقوقنا وفضح هذه الممارسات؟ ستحدد الإجابة على هذا السؤال مستقبل المجتمع المغربي في مواجهة هذه الاستفزازات المتكررة.
عن موقع: فاس نيوز