الإثنين, مارس 17, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيليلة الخامس عشر من رمضان في قصر تلاكلو: تراث حي ودفء العائلة

ليلة الخامس عشر من رمضان في قصر تلاكلو: تراث حي ودفء العائلة


يتميز قصر تلاكلو، أحد دواوير جماعة تغبالت في الجنوب الشرقي، بطابعه الأصيل الذي يعكس عمق التقاليد والعادات الموروثة عن الأجداد. رغم تغير الزمن، لا يزال أهله متمسكين بتراثهم، يجسدونه في حياتهم اليومية ومناسباتهم الخاصة، مما يجعل هذا القصر نموذجًا فريدًا لصمود الهوية الثقافية في وجه الحداثة.

ومن بين التقاليد العريقة التي يحرص سكان تلاكلو على إحيائها، الاحتفال بليلة الخامس عشر من رمضان.

رمضان في تلاكلو ليس مجرد صيام وعبادات، بل هو نسيج من العادات والتقاليد العريقة التي تعكس قيم المجتمع وروحه المتلاحمة. ومن بين الليالي التي تحمل طابعًا خاصًا وتميزًا فريدًا، تأتي ليلة الخامس عشر من رمضان، التي تختلف عن سابقاتها بروحها الدافئة وأجوائها الاحتفالية.

صلة الرحم وتعظيم الشهر الفضيل
بعد تناول العشاء، تبدأ الأسر في تغبالت وتلاكلو تقليدًا اجتماعيًا أصيلًا، حيث تقوم النساء بزيارة بيوت آبائهن رفقة الأبناء، في عادة تحمل أسمى معاني البر والتقدير. هذه الزيارة التي ينتظرها الأطفال بشغف كبير، حيث يتساءلون خصوصا بعد دخول العشرية الثانية: “” متى سنذهب لزيارة أيت خالي “” ليست مجرد لقاء عابر، بل هي لحظة تجتمع فيها قلوب العائلة قبل الأجساد، حيث تستقبل الأمهات بناتهن بحفاوة كبيرة، وتتحول المجالس إلى مساحات من الدفء والمودة والسؤال عن الحال والأحوال.

الأحفاد أيضًا لهم نصيب من هذه الفرحة، حيث يزورون أجدادهم الذين يستقبلونهم بحب وحنان، مقدمين لهم الحلوى والهدايا الرمزية، خصوصًا لمن صام منهم لأول مرة. هذا التكريم البسيط يرسخ في نفوس الأطفال حب الصيام ويعودهم على التمسك بالعائلة وطقوس القرية، ويجعلهم ينتظرون هذه الليلة بشغف وسعادة.

أجواء تشبه يوم العيد
ليلة الخامس عشر من رمضان في هذا القصر، قصر تلاكلو ليست مجرد لقاء عائلي، بل هي مناسبة احتفالية بامتياز. الأجواء تشبه يوم العيد، حيث تعمّ الفرحة والبهجة، وتتنوع الأطباق الشهية التي تجمع العائلات حول موائدها. ومن أبرز الأكلات التي تميز هذه الليلة طبق الكسكس الشهي الذي يُقدَّم مع أوراق الكرنب، وهي نبتة تتميز بها المناطق الصحراوية، أبت أن تنقرض رغم قساوة المناخ عليها أحيانا، ما يمنح الوجبة نكهة خاصة ومميزة. كما يفضل الكثيرون تناول الشواء، حيث تجتمع العائلات حول مواقد النار في جو حميمي يعبر عن روعة التقاليد.

تراث عريق يستمر عبر الأجيال
رغم أن هذه العادات ليست شعائر دينية، إلا أنها تحمل في جوهرها معاني روحية عميقة، فهي تجسد مفهوم التلاحم الأسري، وصلة الرحم، والاحتفاء بالقيم التي تعزز المحبة والتآزر. هذا التقليد العريق الذي يميز أهل تلاكلو يُعتبر جزءًا أصيلًا من تراث المنطقة، حيث تتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل، ليظل حيًا في الذاكرة الجماعية.

ليلة الخامس عشر من رمضان هنا ليست مجرد ليلة تمر، بل هي لحظة ممتدة من الود والحب والتقارب، تروي حكاية مجتمع يتمسك بجذوره وتقاليده التي تتوارثها الأجيال بكل فخر واعتزاز.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات