في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية وتنفيذ سياسات اجتماعية منصفة ومستدامة، تجسيدًا للإرادة الملكية السامية، ترتفع أصوات هنا وهناك، منبهة إلى وجود اختلالات تشوب العملية. ولعل مؤسسة الوسيط، باعتبارها مصدرًا رسميًا، أكدت بدورها في تقرير سنة 2023 وجود اختلالات وثغرات لطالما جرى تنبيه الحكومة إليها، وتتعلق بشروط الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي المباشر، ومنها معايير تحديد الفئات المستفيدة ممن تعاني الفقر والهشاشة، إذ إن النصوص والمعايير والمؤشرات المعتمدة غير موضوعية وغير عادلة، بالنظر إلى أنها تؤدي إلى إقصاء عدد كبير من المفترض استفادتهم دون تبريرات مقنعة، وهو ما يستلزم مراجعة وتقييم نجاعة العتبات والشروط والمعايير والمؤشرات، لا سيما بالنظر إلى التغيرات التي تطرأ على أوضاع المواطنات والمواطنين.
من جهته، أكد تقرير حديث صادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات أن السجل الاجتماعي الموحد لا يزال يواجه تحديات قانونية وإجرائية قد تؤثر على فعالية استهداف الفئات المستحقة للدعم الاجتماعي، مضيفًا أن المنهجية المعتمدة لتحديد الأهلية قد تؤدي إلى استبعاد بعض الفئات الهشة بسبب معايير إدارية معقدة، مما قد يطرح إشكالات تتعلق بالعدالة الاجتماعية وإمكانية الوصول إلى الدعم.
ونبه التقرير، الذي جاء بعنوان “هل تحول السجل الاجتماعي الموحد إلى آلية لإرساء دولة الحد الأدنى؟”، إلى أن النظام يعتمد على معايير ثابتة لا تأخذ بعين الاعتبار التغيرات المفاجئة في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للأسر، موضحًا أن فقدان الوظيفة أو مواجهة نفقات صحية طارئة قد يضع أسرًا في وضع هش دون أن يتم تحديث تصنيفها في السجل الاجتماعي، مما يستوجب، وفقًا للتقرير، اعتماد تحديث تلقائي دوري للمعلومات الاقتصادية للأسر، وهو ما سبق أن نبه إليه الوسيط.
واعتبر المصدر نفسه أن معايير التنقيط المعتمدة قد تؤدي إلى نتائج غير منصفة، حيث ترتكز على مؤشرات مادية مثل الدخل والممتلكات، دون مراعاة نفقات الأسر الأساسية، موضحًا أن أسرة تعيش في منطقة حضرية قد تتحمل تكاليف معيشية مرتفعة مقارنة بأسرة قروية بنفس مستوى الدخل، مما قد يجعل تقييم حالتها غير دقيق.
هذا، وسلط المركز الضوء على أن غياب آليات تظلم واضحة يشكل تحديًا كبيرًا أمام المواطنين الذين يشعرون بالظلم نتيجة استبعادهم، إذ قد لا يجد بعض المستبعدين طريقة رسمية للاعتراض أو طلب مراجعة ملفاتهم، مما قد يضعف ثقة المواطنين في النظام.